- 3 اختلالات مالية واقتصادية وهيكلية تواجه الاقتصاد المحلي تتمثل في هيمنة الدور الحكومي واختلالات سوق العمل والمالية العامة
أصدر بنك الكويت المركزي تقريرا خاصا بعنوان «عقد بين أزمتين»، وذلك توثيقا لمسيرة البنك خلال تلك الفترة المهمة، وتبيانا لجهوده المضنية في مجابهة الأزمات المتوالية، عبر نهج استباقي مرن ورشيق، وتطوير دائم لقدراته، وتوطيد مستمر لمتانة الجهات الخاضعة لرقابته، ليستحق بذلك ما أجمعت عليه المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف العالمية من إشادة بدوره.
وقال البنك انه على مدار العقد الماضي (2010-2020) دأبت الأزمات على رسم ملامح الواقع الاقتصادي والمصرفي على المستوى العالمي والمحلي، بداية من تداعيات الأزمة المالية العالمية، مرورا بأزمة الديون الأوروبية وتدهور أسعار النفط وصولا الى جائحة كورونا وآثارها الاقتصادية الهائلة.
ولفت البنك إلى أنه في ظل تلك التداعيات كان على صانعي السياسات، لاسيما البنوك المركزية التعامل بحصافة مع حالة ممتدة مع انعدام اليقين، مما يتحتم عليها اتباع نهج استباقي وتحوطي رصين، وهو ما أدركه بنك الكويت المركزي باكرا وبادر الى تبنيه ترسيخا للاستقرار النقدي والاستقرار المالي.
أزمات وتحديات متعاقبة
وفي هذا السياق، قال محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل، في افتتاحية التقرير: «في ظل الأزمات المالية والاقتصادية المتعاقبة التي شهدها العقد الماضي، ومساعي النهوض إثر كل عثرة، شهد دور البنوك المركزية تحولات جمة، تماشيا مع طبيعة التحديات التي باتت عليها مواجهتها، وحالة انعدام اليقين المتنامية، مما زادت مهام البنوك المركزية صعوبة وتعقيدا».
وأشار الهاشل إلى أن البنوك المركزية أخذت على عاتقها مسؤوليات جديدة، فازداد دورها في الحفاظ على الاستقرار المالي، ولم تعد الملاذ الأخير للاقتراض فحسب، بل غدت كذلك خط الدفاع الأول في مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية، لتعمل على اتقاء المخاطر وتجنب وقوع الأزمات.
وقال انه ما بين أزمة مالية عصفت بأكبر الاقتصادات العالمية وأتت على بنوك عريقة وطالت آثارها العالم بأسره، وبين جائحة مازالت تداعياتها تتوالي، عقد مترع بالتحديات التي واجهت، ولا تزال، الاقتصاد الكويتي بوصفه اقتصادا حرا منفتحا على العالم.
نمو القطاع المصرفي
وأوضح الهاشل أن «المركزي» عمل ببراعة على توفير البيئة الملائمة لنمو القطاع المصرفي، فبعد أن كان حجم هذا القطاع في 2010 يبلغ 141% من الناتج المحلي الإجمالي، نما ليبلغ 260%، ومع نهاية عام 2020 نما إجمالي التمويل الذي يقدمه الجهاز المصرفي للقطاعات المختلفة بنسبة 77%، عما كانت عليه في 2010.
وأضاف: «كما بلغ نمو الودائع نسبة 83% في عام 2020 مقارنة بعام 2010، وبلغت نسبة النمو في حقوق المساهمين 54% في مؤشر على حيوية الدور الذي يقوم به القطاع المصرفي في دعم النمو الاقتصادي».
ولفت إلى أنه خلال العقد الماضي توسعت الخدمات المصرفية الإسلامية من خلال تأسيس بنك وربة وتحول البنك الأهلي المتحد للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وبذلك باتت البنوك الإسلامية تشكل نصف عدد البنوك الكويتية، وقد نمت أصولها خلال العقد الماضي لتقارب نسبتها نصف الأصول المصرفية في الكويت.
وقال انه مع نمو القطاع المصرفي الكويتي بشقيه (التقليدي والإسلامي) وتوسع عملياته استمر الحرص على سلامة القطاع ومتانته، حيث حافظت وحدات القطاع المصرفي، في ضوء توجيهات بنك الكويت المركزي وتحت رقابته، على معدلات أعلى من المتطلبات الرقابية والمعايير الدولية ذات الصلة، مما سمح للقطاع بالنمو على أسس راسخة وتطوير عملياته بخطى ثابتة.
الاستعداد للمستقبل
وحول الاستعداد للمستقبل بكل ما فيه من تغيرات، قال الهاشل إن العنصر الأهم عند التخطيط للمستقبل، هو استدامة الرخاء والرفاه للجميع، كما أن نجاح جهود بنك الكويت المركزي في ترسيخ الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، ليس ضمانة للاستقرار الاقتصادي. وأشار إلى أنه لا يمكن لأي من السياسات الاقتصادية منفردة النهوض بهذا الدور بمعزل عن تطبيق منظومة شاملة وفعالة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية، والتي تنضوي تحت 3 عناوين أساسية، هي:
1 ـ اختلالات المالية العامة، حيث يحتل بند المصروفات الجارية (التي تشمل تعويضات العاملين والتحويلات والدعوم الحكومية المختلفة) الجزء الأكبر من الإنفاق العام بما يقارب 83%، فيما تعتمد الموازنة العامة للدولة على الإيرادات النفطية بما يقارب 90%.
2 ـ هيمنة الدور الحكومي على النشاط الاقتصادي ومحدودية دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
3 ـ اختلالات سوق العمل الناتجة عن استقطاب الحكومة للجزء الأكبر من العمالة الوطنية، وما يخلقه ذلك الوضع من تحديات للحكومة في توفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من المواطنين.