قبل عامين، وعد عشرات رؤساء الدول والحكومات بحماية البيئة بحلول عام 2030. إلا أن هذا التعهد السياسي يواجه صعوبات لترجمته على ارض الواقع، كما ظهر في المفاوضات الدولية التي اختتمت الثلاثاء الماضي والتي كانت ترمي إلى التحضير لمؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي «كوب15».
ومنذ 14 مارس الماضي، اجتمعت في جنيڤ 195 دولة إضافة الى الاتحاد الأوروبي، وهي الدول المنضوية في اتفاقية التنوع البيولوجي باستثناء الولايات المتحدة.
وللمرة الأولى منذ فبراير 2020، اجتمع ممثلوها حضوريا للتفاوض على اتفاقية تهدف إلى «العيش في وئام مع الطبيعة» بحلول عام 2050، مع مرحلة وسيطة حتى عام 2030.
وتبدو المهمة شاقة، لأن التنوع البيولوجي يقوضه العديد من الأنشطة البشرية: الزراعة المكثفة والتعدين والصيد الجائر والتوسع الحضري المتسارع.
ويقول الخبير الغاني ألفريد أوتينغ يبواه الذي أدى دورا رئيسيا في الجهود الدولية لحماية الحياة البرية إن «التنوع البيولوجي لا يقتصر على منطقة واحدة، إنه في كل مكان، إنه الحياة».
واكد أن تلك المفاوضات كانت «فرصتنا الأخيرة» بعد فشل أعضاء اتفاقية التنوع البيولوجي في الوفاء بالتزاماتهم خلال العقد الماضي.
وإذ شكل وباء كورونا «كوفيد-19» تحديا اضافيا، اشارت السكرتيرة التنفيذية للاتفاقية إليزابيث ماروما مريما إلى أن اتفاقية التنوع البيولوجي «مرت بفترة غير مسبوقة في تاريخها مع تأثير الوباء».
وأسفرت المناقشات الافتراضية عن نص تمهيدي شكل جوهر المناقشات في جنيڤ، كما اجتمعت هيئتان أخريان، هما المجلسان العلمي والتنفيذي ما أفضى إلى جدول أعمال كثيف و«احساس بالفوضى»، حسب أحد المشاركين.
وسمحت عشرة أيام من العمل المكثف للوفود بطرح أفكارهم، دون التمكن من تلخيصها لتهيئة التوافق، وفق بريان أودونيل، مدير منظمة «من أجل الطبيعة» غير الحكومية. واشار إلى أن المهمة «اكتمل نصفها».
ومن المقرر عقد جلسة إضافية في نيروبي في نهاية يونيو، قبل انعقاد مؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي «كوب15» المقرر عقده في نهاية اغسطس ومطلع سبتمبر في مدينة كونمينغ الصينية. وفقا لعدة مصادر.
قضية التمويل
وإذ تعهدت أكثر من 90 دولة بالحد من فقدان التنوع البيولوجي بحلول عام 2030، قال المندوبون إن ثقل هذه الإرادة السياسية لم تؤثر في المفاوضات في جنيڤ.
فقد قال رئيس الوفد السويسري فرانز بيريز «لقد فشلنا في التركيز بشكل كاف على الأولويات، وسيحدد ذلك معايير النجاح في كونمينغ».
وتتمثل الأولوية في التوصل إلى اتفاق طموح في المؤتمر، وفق ما أورد كثير من المشاركين.
وقال احد المشاركين «نحن لا نتحدث بشكل كاف عن التحول في النظم الإنتاجية والزراعة والتخطيط الحضري».
لتحقيق ذلك، يتوقع المشاركون زخما سياسيا من أعلى المستويات، وأوضح المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة ماركو لامبرتيني «يحتاج المندوبون إلى تعليمات واضحة من عواصمهم».
ويعد الهدف الأكثر رمزية هو حماية 30% من الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030 على مستوى العالم. ويدعمه عدد كبير من الدول، أكثر من 90.
وأشارت مصادر قريبة من المفاوضات إلى أن جنوب إفريقيا والصين، البلد المضيف للمؤتمر، مترددتان، فيما تدافع البرازيل عن فكرة الهدف الوطني بدلا من الهدف العالمي.
كما ان هناك نقطة أخرى مهمة هي التنفيذ الفعلي للقرارات التي سيتم اعتمادها في كونمينغ. عمل المفاوضون على التوصل إلى اجراءات حتى لا يواجهوا الفشل بعد عشر سنوات.
كما تم التطرق إلى معلومات التسلسل الرقمي حول الموارد الجينية، وهو موضوع معقد وحاسم بالنسبة لدول الجنوب، وإلى مسائل التمويل.
يتفق الجميع على ضرورة تخصيص المزيد من الأموال لحماية التنوع البيولوجي، لكن الآراء تتباين بشأن قيمة المبالغ ومصدرها.
وتدافع البلدان المتقدمة عن فكرة تعبئة جميع الموارد ـ الوطنية ومساعدات التنمية العامة والأموال الخاصة ـ بينما تتحدث البلدان النامية بشكل خاص عن اموال عامة إضافية مخصصة فقط للتنوع البيولوجي.
وتطالب البلدان الأفريقية والبرازيل بإنشاء صندوق جديد ـ يعتبر صندوق البيئة العالمية غير فعال ـ وتعارض دول الشمال ذلك. إلا أنه يتعين مساعدة البلدان النامية التي تضم الجزء الأكبر من التنوع البيولوجي المتبقي، بحسب مندوب من أميركا اللاتينية.