مهنة الطب والأطباء والطاقم الطبي رحمة الله لعباده في الأرض، والناس تاجها عافيتها، فإن ذهبت عافية الإنسان ذهب استمتاعه بهذه الدنيا، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: سلوا الله العافية فإنه لم يعط عبدا شيئا أفضل من العافية.
ولا حجة للطبيب والطاقم الطبي أن يكونوا متخاذلين في عملهم وعطائهم بحجة سوء مسؤولهم أو سوء إدارة وعدم تقديرهم في الجهات الحكومية!
فالطبيب والمعالج عمله هذا لله، ومن ثم ضميره وإخلاصه ولا مجال لحجة عدم وجود تقدير لعمله فيصوب هذه الحجة القبيحة إلى عطائه مع المرضى والناس!
فالأخلاق واحدة ولا تتغير وإن رأيت طبيبا عطاؤه في الخاص افضل من الحكومة بسبب حجج واهية فهذا ليس جديرا بأن ينتسب لأهل هذه المهنة.
يوسف عليه السلام كان محسنا رغم سوء إخوانه له وإدخاله السجن ظلما وبهتانا وعندما صار عزيزا، لم يتغير هذا الإحسان بتغيير الزمان أو سوء الناس! وقد أعطانا درسا في النبل والأخلاق والإحسان وعلمنا خلاصة ما مر به ونجاته كان بإحسانه وإخلاصه وتقواه فقال الله على لسانه: (قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)، فالله اختارك وأعطاك هذه النعمة لتكون سببا في علاج الناس.
قال سبحانه: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) صدق الله العظيم.
الزيادة في النعم ودوامها تكون في شكر الله عليها ويكون الشكر في إظهار هذه النعمة على عباده فتحسن إليهم ليسحن الله إليك ويزيدك، فلا أجمل من أن يتفهم الطبيب نفسيات المرضى، ويستمع لهم بإنصات، كأن المريض أحد أقربائه.
فنصف علاج المرضى يكون بنفسياتهم، وتزيد هذه الراحة النفسية بأخلاق الطبيب السمح الذي يبسط وجهه للناس دون تذمر وتكبر.
وقيمة الدكتور تزيد بأخلاقه وإحسانه مع الناس وليس في زيادة علمه وشهاداته !
فكم من مريض شفي بفضل الله من مرض كبير بسبب تفاني الطبيب، وكم من مريض بمرض بسيط، توفاه الله، في ظل إهمال الطبيب!
و تسقط قيمة الطبيب عندما يكون المال والتجارة هما أولوياته وتسقط أمامه القيم والمبادئ! وحينما يغلب حبه للمال والتكسب على ضميره الإنساني والمهني.
ومن القدوات الحسنة الذين جعلوا من مهنتهم منفعة للناس على حب المال: طبيب الغلابة محمد مشالي، منذ أول يوم له عمل في الطب إلى وفاته كان يستقبل الناس كل يوم بمبلغ زهيد جدا، حتى يستطيع الجميع العلاج عنده.. وها هو انتقل إلى رحمة الله لم يأخذ معه أموالا بل ترك وراءه أعمالا صالحة، وكم من أشخاص يدعون له! وكم من أجور كتبها الله له؟
قال سبحانه: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)، ولا أقصد بكلامي هذا أنه لا يحق الطبيب أن يكون له مصدر رزق من خلال شهادته وعمله وخبرته وتعبه الذي بذله، لكن لابد أن تكون القيم والمبادئ هي الأساس في عمله وتظل صحة الناس والحفاظ عليها في مقدمة أولوياته!
أخيرا: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
Twitter: Y_Alotaibii
[email protected]