بفضل من الله بلغنا شهر رمضان، وعشنا أوائل أيامه، والتقينا الأقارب والأحباب والأصحاب بعد انقطاع إجباري فرضه وباء كورونا الفتاك لفترة من الزمن، فالحمد لله على بلوغ الشهر الكريم، الشهر المبارك الذي طوق كل الأرجاء والأجواء بأنواره ورحماته وخيراته وأفضاله، فهو شهر الخير الذي جاء حتى يطهر القلوب الملوثة، ويلين النفوس القاسية، ويؤدب الأخلاق المتجاوزة، فهو مدرسة عظيمة فيها الكثير من المواعظ الحسنة، والدروس المفيدة، فدعونا نعيش لحظاته الباقية بكل تفان واجتهاد.
الحياة رحلة قصيرة، ولا دوام لها، وهي فانية لا محالة، والبقاء لله وحده، فالغني راحل، والفقير راحل، والقوي راحل، والضعيف راحل، فكلنا للزوال، فما دامت الحياة بهذه الصورة، وبهذه التفاصيل المتسارعة، فهل تستحق منا الحرص الشديد والمبالغ فيه!؟، لذلك علينا انتهاز فرصة وجودنا المؤقتة فوق سطح الحياة، قبل أن تنتهي لحظاتنا المعدودة، وأعمارنا القصيرة المكتوبة، فالعمر لحظات عابرة، ودعونا نجعل هذه اللحظات تعود بالنفع لنا، فمن تشبث بالحياة خسر وندم، ولن يدفع قدوم الموت ذاك الملك الكبير أو الجاه الرفيع، فكم من ملوك قد رحلوا، وكم من بنوك تحمل الأموال الطائلة ذهبت إلى الورثة بلمح البصر!.
ومن هذا المنطلق.. ونحن نعيش لحظات رمضان المباركة، أدعو الجميع لشد الهمة من أجل تحقيق كل صور الخير والمعروف، فدعونا نتسامح ونتسامى، ونتطهر من كل صور الشر ونتعافى، دعونا نترك الأثر الطيب قبل الرحيل، ونصنع المنزلة الرفعية بعد الرحيل، ننشر الخير، ونهدي المحبة، ونشيع الفضيلة، ونكون من خير الناس أينما كنا، وفي أي جمع من الجموع تواجدنا.
فمن كان بعيدا عن الله.. ليقترب.
ومن كان ظالما عليه العدول عن ظلمه.
ومن كان فاسدا ليتطهر من فساده.
ومن كان قاسيا ليلين جانبه.
ومن كان متعاليا ليتواضع.
ومن كان شرارة فتنة.. لينطفئ.
ومن كان به أي خلق ذميم.. فعليه الخلاص منه.
فهي فرص لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفي نهاية مطاف هذا المقال أقدم رسالة خاصة لمن فقد عزيزا قبل حلول شهر رمضان المبارك.. وأقول:
اصبر واحتسب، واعلم بأن فقيدك قد رحل إلى رحاب من هو أرحم وأعطف وأكرم منك، فأشغل نفسك بصنع ما هو جميل في رمضان من أجل ذاك الفقيد، فقدم له الدعوات والصدقات والبر والإحسان، وعش حياتك قويا رغم قسوة الظروف، وتعايش مع لحظات رمضان المباركة، وكن على يقين بأن الحياة رحلة قصيرة، وكلنا راحلون.
بسم الله الرحمن الرحيم (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
hanialnbhan@