ومازال الوضع على ما هو عليه فيما يخص الأزمة الإسكانية وتداعياتها التي تشكل الهاجس الأكبر على المواطنين، والذي انعكس على معيشتهم اليومية بكل تفاصيلها، خصوصا ممن هم مازالوا ينتظرون تحقيق أحلامهم في الحصول على بيت العمر، فالبعض بات يؤمن بأن الحصول على منزل في الكويت يمثل حلما تحت أجواء الأسعار الخيالية من ناحية، والانتظار لمدة زمنية طويلة تتراوح لما بين عقد وعقد ونصف لتسلم بيته، من ناحية أخرى. هذا بالإضافة إلى بطء وتيرة تطوير المدن الإسكانية بشكل عام، وبالتالي أصبحت أزمة الإسكان في الكويت أحد أكبر التحديات التي يواجهها المواطن، ولها آثار سلبية جدا بالمجتمع والاقتصاد الكويتي.
إن قرار حل المشكلة الإسكانية أو لنقل على الأقل التسريع بتوفير المسكن للمواطن، من خلال تقليص مدة الانتظار، هو أمر ليس مستحيلا إذا ما اجتمعت الرغبة والقرار الجريء للدولة، والذي يستلزم تطبيق العديد من المقترحات التي تقدم بها بعض الخبراء العقاريين في البلاد، فلماذا لا تتم الاستعانة بالشركات الخارجية للمساهمة في حل مشكلة الإسكان؟
من خلال تسليم تلك الشركات لأراضي مخصصة لبناء الإسكان مقابل استفادتهم بشكل مدروس ومنطقي، وأن يتم على صعيد آخر إنشاء شركات طوير بنظام الشراكة، بتشجيع المستثمر الأجنبي وتأسيس شركات مساهمة بين الدولة والأفراد للاكتتاب، ويكونون هم المطورين لإنجاز المدن من دون وجود مبدأ المناقصات وأقل الأسعار منعا لأي تجاوزات ومحسوبيات وفساد وخلافه، وتجاوز المركزية والبيروقراطية التي تعاني منها الدولة من خلال الشروط التي تطلبها وزارات الكهرباء والماء والأشغال والبلدية، حتى لا تعطل إنشاء المشاريع الإسكانية.
إن الحلول للمشكلة الإسكانية كما أسلفنا يمكن تحقيقها لكن مشوارها طويل وتتطلب صبرا ومثابرة من قبل الدولة، غير أنها تبدو منطقية وتستحق الانتظار مادامت ستسهم في حل جذري لتلك المشكلة التي أرقت الدولة والمواطن لسنوات طوال، ومن ناحية أخرى نقول بأنه إذا استمر الوضع الحالي للأزمة الإسكانية فإن هذا السيناريو سيظل مهيمنا على المشهد الإسكاني بشكل كامل لسنوات وعقود قادمة، بل الأخطر في هذا الموضوع هو المتغيرات الدولية المتسارعة والتي تحدث بشكل جنوني، الأمر الذي يصعب من مهمة الحكومات القادمة في إيجاد حل مناسب للقضية الإسكانية، وربما نصل إلى طرق مقطوعة لا تفيد فيها الحلول الترقيعية التي لجأت إليها الحكومات السابقة. والله الموفق.
[email protected]