في شهر أغسطس 2021 أقامت الجمعية الاقتصادية الكويتية ندوة بمشاركة بعض القوى السياسية تحت عنوان «أثر الفساد على الاقتصاد الوطني»، والتي صرح فيها الأستاذ عبدالوهاب الرشيد رئيس الجمعية (وزير المالية في الحكومة المستقيلة مؤخرا) بأن الدولة تخسر قرابة 1.2 مليار دينار سنويا بسبب الفساد، وذكر أيضا الرشيد أن كلفة الفساد ستجعل الحكومة الكويتية بحلول عام 2035 أمام ثلاثة خيارات، اللجوء للدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة أو كلا الخيارين معا، وأنه في حالة عدم وجود إصلاح اقتصادي حقيقي فإن العجز في الميزانية سيصل إلى 200 مليار دينار وذلك عام 2035! ولقد تحدثنا كثيرا عن الفساد المستشري في مفاصل الدولة ولن نتوقف عن مقاومة هذا السلوك اللعين حتى تتم معاقبة كل مسؤول فاسد تسول له نفسه المساس بمقدرات هذا الوطن العزيز، وأن استغلال المنصب والإفلات من العقاب لن يدوم، هذه الكلفة المرعبة للفساد تدل على عدم وجود الإرادة السياسية لمواجهة هذا الفساد اللعين، ولا نريد أن نقول شبكة المصالح باتت اقوى ولها اليد العليا حتى انتشرت المحسوبية والرشاوى لأن الانتماء أصبح للقبيلة وللأشخاص ولم يعد للوطن ومستقبله أي انتماء.
هذا الحاضر العبثي الذي يعيشه مجتمعنا انتشر فيه العنف الأسري واختفت القدوة الحسنة، وأصبحت المادة هي كل شيء، وتصالح المجتمع مع سرقة المال العام والرشوة والمحسوبية وذلك لغياب الشفافية والنزاهة وإفلات هؤلاء الفاسدين المجرمين من العقاب، فضلا عن اختلال التركيبة السكانية والتستر على تجار التأشيرات والإقامات.
للأسف الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي أصبح لا يبشر بالخير مستقبلا وأن الحل في الإصلاح ومكافحة الفساد وعدم التستر على المفسدين وتسليط سيف القانون على رقاب الجميع حتى يستقيم الوضع وندرك ما تبقى من كرامة وطنية كنا نباهي بها العالم والآن أصبحت في طي النسيان تحت وطأة الأنانية والجشع وذل الأنفس المادية الوضيعة.
ولعلنا دائما وأبدا نذكر بكل الخير والعرفان المغفور له بإذن الله الشيخ ناصر صباح الأحمد، الذي أفنى عمره في عشق الكويت ومكافحة الفساد والمفسدين ونتذكر مقولته الخالدة التي نختم بها مقالنا.. «محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها وغير ذلك لا يكون إلا إفسادا فوق إفساد وما نراه أقل مما نتمناه».