لا يقول المرء على الدنيا السلام إلا إذا بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين، وخرج الأمر عن السيطرة، ومن ذلك أن يصبح الممنوع مباحا والحق باطلا، والناصح كالفاضح، وعند هذه النقطة يتكلم المرء ويدلو بدلوه، ويبدي رأيه بكل صراحة ووضوح وبلا رتوش، والحق أحق أن يتبع، ولابد من أن نحذر من عواقب بعض الأمور السيئة التي يفعلها البعض، ولأن ضمير ولاة أمورنا حي، استمعنا إلى كلمة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، التي قالها سموه بلا مقدمات ولا ورق، بل بعفوية، وبروح الأب القائد الحريص على مصلحة أبنائه، عندما أشار سموه إلى الفوضى الحاصلة في السوشيال ميديا من تشاتم وتلاعن حتى وصل الأمر إلى شتم الأعراض. وهذا دليل على متابعة سموه الحثيثة لما يدور في البلد، والعجيب حقا أن هؤلاء الغوغائية لم يمنعهم هذا الشهر الفضيل المبارك من هذا النهج المنبوذ وبدا واضحا للعيان أن شياطينهم لم تصفد، بل إنهم في غيهم سائرون، وعلى نهجهم دائبون، فما أن ينشر أحد تغريدة لا تناسبهم وتتفق مع توجههم وأهوائهم حتى انهالوا عليه بالسب والقذف والشتائم.
وقد زاد هذا الأمر وتجاوز الحد وبات المرء يتحاشى أن يكتب تغريدة حتى لا يناله ما نال غيره من الشتم والقذف، ولابد أن نعرف أن هذا الانحراف خطير جدا على مجتمعنا فهو باعث للفوضى على الفوضى ومثير للعداوة، لذلك لا بد من سن قوانين صارمة تحد من هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا، يعاقب من خلالها المذنب ويردع، وإن ترك لهم الحبل على الغارب فعلى الدنيا السلام، والأمر اللافت أنه عندما يشتم شخص ما، يقولون فيه ما لم يقله مالك في الخمر، وليس هذا فحسب وإنما يتناولون أسرته ومن يمت له بصلة فلا يتركون شيئا إلا قالوه، وغالب ما يذكرونه كذب وافتراءات ما أنزل الله بها من سلطان، فيضعون فيه ما ليس فيه زورا وبهتانا مع سبق الإصرار والترصد، وهو تعد لا يقبله كل إنسان عاقل، وهذا أمر لا يسكت عنه، فليس لهم إلا القانون وبه يستتب الأمن وتنتهي هذه الظاهرة إلى حيث لا رجعة، والمرء يقاس بأخلاقه فإذا عدم الأخلاق فهو منبوذ في كل مجتمع، فالأخلاق قاعدة الرقي والسمو، وقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وقال أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وللأسف بدأ كثير من الناس تتلاشى عندهم الأخلاق حتى أصبحنا نرى تصرفات مخيبة للآمال تدعو إلى الفوضى وكأننا في غابة، أو في روضة أطفال، فيا هؤلاء الناس عودوا إلى رشدكم وأحبوا لغيركم ما تحبون لأنفسكم واكرهوا لهم ما تكرهون لأنفسكم، فأنتم لا ترضون أن تشتموا فكيف تبيحون لأنفسكم شتم الناس، ودمتم سالمين.