عبدالرزاق بن قعود بن ظاهر بن فرحان بن محمد بن حريز النبهان الشمري، هذا الاسم النبيل، والعظيم بالنسبة لي، غاب عن حياتي (23 عاما)، ووري جثمانه الطاهر الثرى بتاريخ 1999/4/27، رحل وأخذ معه كلمة لن تعود أبدا، فقد أخذ معه كلمة (يبه) تلك الكلمة التي لا يتملكها إلا شخص واحد في حياة كل إنسان، وتموت مع رحيل ذاك الشخص، فما أقربك على قلبي أيها الراحل العظيم.
عادة المعادن الطيبة تستخرج من باطن الأرض، ولكن في هذه المرة المعادن الطيبة تدفن في باطن الأرض، إنه أمر في غاية الغرابة والصعوبة! فكيف جرأت يدي بدفن أبي !، هل هي يد غاب عنها الإحساس أم أن تلك سنن الحياة النافذة والماضية علينا جميعا!؟ فيبدو أنها سنن الحياة فعلا،، فقد دفنت بيدي ذاك النبيل الذي عاش الحياة بكل بساطة ورحابة الصدر، وكنت حينها صغيرا في السن،، فقد كان رحمه الله يشارك الكبير همومه، ويشارك الصغير بحديثه، لا يعرف التكلف والتعالي، عاش نقيا ورحل نقيا.
رحل أبي الحبيب، عبدالرزاق وهو لم يتجاوز في سنه العقد السادس، وأفنى عمره في الطاعة، وكان لا يغيب عن الصف الأول أبدا، وكان يأخذ بيدي معه للمسجد، وكنت ألحق به إذا خرج قبلي، وأتذكر ذات يوم كنت أصلي بجانبه في المسجد وكان عمري حينها أقل من عشر سنين،، وخلال سجودي كنت واضعا ذراعي كله على الأرض وكان مرفقي يلامس الأرض وهذا الشيء منهي عنه في الصلاة.. فكان رحمه الله يرفع مرفقي وأنا ساجد لكي يعلمني طريقة الصلاة الصحيحة،، فهو من غرس حب الصلاة في قلبي.
أيها الأب الحبيب، كنت في غاية الطيبة، وكنت القلب النظيف الذي لا يحمل الغل والحقد بحق أحد، فعشت نبيلا ومت نبيلا، وأعرف أنك كنت رجلا مثقفا، وأعرف أنك كنت تقرأ وتكتب وكان جل أقرانك لا يجيدون القراءة والكتابة، وأعرف أنك تجيد كتابة الشعر وأحيانا تنظم بنفسك بعض الأبيات، لذا أهديك هذه القصيدة يا حبيبي، وأسأل الله أن يجمعني وإياك ووالدتي (أطال الله في عمرها على طاعته) تلك المرأة العظيمة التي عاشت حياتها وفية ومخلصة وكبيرة بكل أفعالها وهي نبض حياتنا الباقي، وبإذن الله يجتمع معنا إخواني وأخواتي، في تلك الجنات الظليلة، ويلتم الشمل من جديد بإذن الله.. فإلى اللقاء القريب يا (يبه).
(يبه):
كلمة (يبه) ماتت لها عشرين عام
راحت مع الغالي أبوي وحبيبي
الطيب الزاكي النظيف ابن الإكرام
ذاك الذي عن مسجده ما يغيبي
عاش الحيا طيب كريم وبسام
ما يحقر انسان، ولا يستغيبي
يضحك مع العالم ولاهو ب نمام
نفسه لطيفه مع بعيد وقريبي
نادر كلام، ولا تكلم له إسهام
يامر بخير، وله خفوق رحيبي
قاري كتاب الله، ذكار صوام
بالصف الأول له مكان مهيبي
«الله اكبر» لا سمع ذكرها، قام
صوت المنادي دايم له مجيبي
خير، ويكره من مشى درب الآثام
ويفرح ليا شاف الفهيم النجيبي
له ساس طيب وافتخر فيه مادام
راسي على كتفي وينبض قليبي
أبوه من روس الرياجيل مقدام
قعود ذاك اللي يسر الكئيبي
لا من حكى سر الخواطر والأفهام
قوله سديد وللجوارح طبيبي
وجده «ابو مقوار» بالكون ضرغام
«ظاهر الإميلح» ما يذل ويهيبي
كم احتمى به من ضعيف ومنضام
وكم انتخوا به بالزمان الصعيبي
أنا اشهد انك سيرتك ما بها اثلام
يا بوي يا رمز النقا، يا حبيبي
راح افتخر بك، وافتخر طول الأيام
ما دام لي بين الخلايق دبيبي
ويا الله يا رحمن، يا رب الأنام
يا عالم ما بالصدر والمغيبي
يا معتلي، يا ذا العطايا والإنعام
يا غافر(ن) زلات عبد(ن) منيبي
يا خالق جنة عدن لأهل الإسلام
اكتب ل «بوعايد» عظيم النصيبي
[email protected]
HaniAlnbhan@