ما بين صفحة تطوى وأخرى تفتح أمجاد تروى، تسطر إنجازات تاريخية مهدت لتطورات حالية في مسيرة البناء والعطاء للبنك الأهلي المتحد، الذي بدأ مشواره في أربعينيات القرن العشرين، ونال الامتياز والترخيص بمرسوم أميري في عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر لتتوالى الخطوات حتى وصل إلى بنك متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المتحد جهاد الحميضي استعرضت خلال حديثها في البرنامج الوثائقي مشوار البنك المصرفي والذي تجاوز 80 عاما، مرور بالمحطات الأبرز في تاريخ البنك، حيث كان مملوكا بالكامل من قبل الحكومة الكويتية في فبراير 1971، وكان يسمى حينها «بنك الكويت والشرق الأوسط»، إلى أن افتتح رسميا في ديسمبر من نفس العام،
ثم إتمام عملية تحوله لبنك يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في عام 2010 ووصولا إلى اليوم، حيث كرس موقعه كأحد أهم البنوك في الكويت والمنطقة.
الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المتحد جهاد الحميضي قالت إنه في العام 2002 تابعت الرحلة مسارها نحو المزيد من النجاحات حيث أصبحت مجموعة البنك الأهلي المتحد، التي تحظى بسمعة مرموقة وحضور مؤثر في القطاع المصرفي، المساهم الأكبر في البنك، وذلك بعد أن قررت الحكومة آنذاك أن تبيع جزءا من حصتها المملوكة من قبل الهيئة العام للاستثمار والتي تقارب 45%، حيث نجح التخصيص بعد الإقبال الكبير من المجتمع نتيجة السمعة والمتانة الجيدة للبنك، لتتحول الملكية من بعدها إلى القطاع الخاص.
أما المحطة الأبرز والأهم في رحلة الألف ميل وميل، كانت في العام 2010، حيث تحول البنك الأهلي المتحد ـ الكويت إلى مصرف متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وأشارت الحميضي الى أن البنك استطاع خلال أحلك الظروف أن يتخطى الأزمات ويخرج منها أقوى، بدءا من أزمة سوق المناخ عام 1983 التي تخطاها بنجاح وخرج منها محققا أرباحا، وهذا شاهد على المتانة المالية القوية التي يتمتع بها البنك.
قوة وصلابة
لفتت الحميضي إلى ان فترة العام 1990 كانت اختبارا كبيرا لصلابة موقف البنك، حيث كان الغزو العراقي الغاشم الذي دمر عددا من الفروع، لكنه لم يستطع اقتحام خزائن البنك التي تحتوي على أموال وصناديق أمانات العملاء، نظرا لمتانتها.
وبعد أقل من شهر من تحرير الكويت في العام 1991 استطاع البنك فتح أبوابه للعملاء رغم تواجد أغلب الموظفين خارج البلاد.
وأضافت الحميضي أنه خلال العام 2008 حلت على العالم واحدة من كبرى الأزمات الاقتصادية العالمية وهي الأزمة المالية، والتي تضررت منها معظم البنوك العالمية، إلا أن بنك الأهلي المتحد تخطى هذه الأزمة أيضا من دون خسائر، بل محققا أرباحا، بسبب القرارات الائتمانية الحصيفة، وتطبيقه لآلية «اختبارات الضغط» التي بدأ بها البنك في العام 2007 أي قبل وقوع الأزمة العالمية لقياس قدرتها على مقاومة الصدمات والمخاطر المالية المحتملة والتي أثمرت عن رؤية وتوقعات واضحة لما يحمله السوق في المستقبل من احتمالات.
تحصين ضد «كورونا»
أكدت الحميضي أن «البنك الأهلي المتحد» أثبت مرة أخرى قدرته على مواجهة الأزمات بكل حرفية وجدارة، والتي كان آخرها جائحة كورونا التي حلت على القطاع المصرفي عموما، مشيرة إلى أن تخفيض بنك الكويت المركزي للمتطلبات الرقابية الخاصة بنسب السيولة، إلى جانب قرارات الحكومة آنذاك بتأجيل القروض ودعم المتضررين، جميعها عوامل ساعدت على تحصين القطاع المصرفي ضد تداعيات الجائحة وتعزيز قدرته على ممارسة دوره بشكل فعال في خدمة المجتمع لتمكينه من مواجهة تلك التداعيات.
تصنيفات عالية
لفتت الحميضي إلى أن «الأهلي المتحد» احتل أعلى التصنيفات في الكويت في عام 2021 من الوكالات العالمية المعروفة بسبب متانة البنك الداخلية، حيث حصل على تصنيف عند مستوى A2 و+A من «موديز» و«كابيتال انتليجنس»، وهذه تصنيفات جيدة جدا.
كما حصل البنك عام 2021 على شهادات مثل ISO 27001 لأمن المعلومات، وأيضا على شهادة الامتثال بمعايير أمن بيانات البطاقات الائتمانية (PCI)، وهذه شهادات يحصل عليها البنك سنويا، مما يؤكد على توافق البنك مع معيار أمن المعلومات والتزامه بتقييم وإدارة المخاطر الأمنية وإدارة البيانات بما ينعكس على مكانته الرائدة التي يحتفظ بها.
جوائز مرموقة
أوضحت الحميضي أن البنك حصل على جوائز سنوية كثيرة ومختلفة، منها جائزة أفضل بنك إسلامي في الكويت في 2021 من مجلة آسيا موني، كذلك حصل على جائزة أفضل موقع متكامل للخدمات المصرفية للشركات، فضلا على حصوله على جائزة أفضل بنك أصدر صكوكا في العام نفسه، حيث أصدر 600 مليون دولار وهذا كان نجاحا مبهرا للبنك بعد أن غطى إجمالي الطلب على الصكوك 3 أضعاف حجم الإصدار المستهدف. كما حصل على جائزة أفضل رئيس لتقنية تكنولوجيا المعلومات، وهو ما يؤكد قوة ومتانة تكنولوجيا المعلومات للبنك.
أنظمة تكنولوجية متطورة
أكدت الحميضي أن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في «الأهلي المتحد» تتمتع بمتانة عالية، كما يمتلك البنك أنظمة حديثة وظيفتها معالجة الأزمات الفنية بدون تدخل بشري، بحيث عندما تقع أزمة في أجهزة الحواسيب الآلية يتم نسخ واسترجاع جميع البيانات تلقائيا في موقع معالجة الأزمات وفي الوقت المناسب.
وأضافت أنه من أهم التقنيات المتعلقة بالبنية التحتية للتكنولوجيا هو «الأمن السيبراني»، حيث يعتبر مهما جدا في محاربة «الاختراقات والقرصنة» المشبوهة المنتشرة في العالم، وقد حصل «المتحد» على شهادات مرموقة من شركات عالمية فيما يخص الأمن التكنولوجي عموما.
منصات حديثة
لفتت الحميضي إلى إن أهم المنصات التي يمتلكها «الأهلي المتحد» منصة الشركات التي تعطي لهم الحرية في التعامل على كل تعاملاتهم البنكية بشكل آمن، إلى جانب ذلك تمت إضافة خدمات كثيرة على نظام الصراف الآلي ينفرد «المتحد» في بعضها مثل عمليات التحويلات الخارجية التي يستطيع العميل انجازها عبر الصراف الآلي، فضلا عن مزايا أخرى مثل تحديث المعلومات المدنية والسحب بدون البطاقة البنكية وغيرها.
كما أن هناك عددا من المزايا التي تمت إضافتها على تكنولوجيا البنك، حيث تم وضع «كيو آر كود» على بعض معاملات البنك لضمان صحتها وسهولة قراءتها من أي جهة أخرى.
وأيضا تم اعتماد العمل من خلال «روبوت» غير مرئي داخل الأنظمة لتسهيل المعاملات الداخلية وتسريعها دون تدخل فكري بشري.
الارتقاء بالموظف.. هدف أساسي
قال مدير عام الموارد البشرية في «الأهلي المتحد» نقيب أمين إن هدف البنك الارتقاء بجميع موظفيه.
وأضاف أن هناك عددا من موظفي البنك السابقين أصبحوا في أعلى المراكز وبعضهم تولى رئاسة مجالس إدارات ورؤساء تنفيذيين في القطاع المصرفي وقطاع الاستثمار والهيئات الحكومية، وجميعهم ساهموا في بناء الاقتصاد الكويتي.
وأشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الموظفين الذين بدأوا حياتهم المهنية مع البنك الأهلي المتحد فور تخرجهم، وصلوا اليوم إلى مراكز مرموقة، منهم الرئيس التنفيذي بالبنك، ومدير عام إدارة الخزينة، وكذلك مدير عام تكنولوجيا المعلومات وغيرهم الكثير، وهذا يعكس مناخ العمل الذي نفتخر به حاليا في «البنك الأهلي المتحد» منذ نشأته.
ولفت إنه من أول يوم لالتحاق الموظف في البنك يشارك في برنامج مكثف لتأهيله وإعداده قبل أن يبدأ العمل في إدارته، ثم نهيئه للوظيفة الآتية التي تتوافق مع ميوله واستعداده.
التحول إلى «إسلامي».. إنجاز نوعي
قال العضو التنفيذي لهيئة الرقابة الشرعية بالبنك د.عبد العزيز القصار إن عملية تحول «الأهلي المتحد» إلى بنك إسلامي كانت نقطة فارقة في مسيرته، واحتاجت إلى جهود مميزة لإتمام تلك العملية «المعقدة».
وأكد في حديثه بالبرنامج الوثائقي أن أهم ما ميز تلك المرحلة إصرار العاملين والملاك ومجلس الإدارة على انجاز عملية التحول بأسرع وقت، بسبب التجارب والخبرات التي يتمتع بها العنصر البشري لذلك بنيت عملية التحول على أساس قوي متين ودقيق، ولم تستغرق أكثر من سنة ونصف تقريبا.
وأضاف القصار أنه تم إعداد خلال مرحلة التحول بنية شرعية كاملة من حيث العقود ومعالجة الالتزامات القديمة، وتدريب العاملين على النظام والمنتجات الاسلامية الجديدة.
وأوضح القصار أن البيئة القانونية للبنوك الاسلامية مختلفة نوعا ما عن «التقليدية»، من حيث تجنب تضمين الفائدة في العقود، لذلك فإن صياغة العقود الاسلامية كانت من التحديات التي شكلت أرضية مشتركة من جميع العاملين من قيادات البنك إلى أصغر موظف، حيث تم صياغتها بشكل قانوني لحفظ حقوق العملاء خلال مرحلة الانتقال دون أي تغير في حجم الالتزامات المالية بالعقود التقليدية عن الاسلامية.
وقال إن التحدي الثاني هو كيفية إيصال رسالة إلى الجمهور بأن البنك قد تحول إلى بنك يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية بعد أن كان بنكا تقليديا، وفي هذا الخصوص كان هناك دور بارز لرئيس مجلس الإدارة آنذاك السيد حمد المرزوق، حيث كان متابعا لتلك العملية بشكل مباشر وشكل فريقا كاملا لمتابعة العملاء فردا فردا واقناعهم بعملية التحول وكيفية اجراء المعاملات وفق أحكام الشريعة وتحقق ذلك في زمن وجيز بفضل من الله تعالى، وأشار القصار إلى أن العميل حين يأتي إلى البنك الإسلامي يعلم يقينا أن هناك فارقا مهما جدا بين البنوك الاسلامية والتقليدية وهو عنصر الفائدة، حيث إن الأولى لا تتعامل بأي شكل من الأشكال بالفائدة وهذا ما يميز البنوك الاسلامية.
أما النقطة الثانية، فهي تتمثل بالوضوح والشفافية في عقود المداينات، بمعنى حين يأتي العميل إلى البنك الإسلامي يعرف حجم المديونة التي عليه، وحجم الأقساط المستحقة، والزمن الذي تنتهي فيه هذه المديونية، وهذا الوضوح عبر عنه الفقه الاسلامي «العلم»، وهو نقطة أساسية في صحة العقود.