كثير من العبارات الكويتية والأمثال الجميلة طوتها صفحة النسيان، ولم يعد لها وجود في لهجتنا إلا بالكاد، على الرغم من أن الكثير منها مأخوذ من اللغة العربية، حتى أصبحنا اليوم نسمع عبارات دخيلة لا علاقة لها باللهجة الكويتية، لا نعرف معناها ونستغرب استخدامها، وكأنهم يريدون أن يفرضوا علينا لهجة جديدة، حتى ضاعت اللهجة الكويتية الجميلة، وبدأت تتلاشى شيئا فشيئا، وفي الماضي القريب كثيرا ما كنا نسمع الناس يقولون لمن عاد له عزيز: قرّت عينك، بفرح وسعادة، بمعنى رأيت ما يرضيك فسرّ الله عينك بها وابتهجت.
وكانت الإجابة: بوجه نبيك، أي برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي غاية المنى لكل مسلم، واليوم لو قلت هذه العبارة لأبناء هذا الجيل لما عرفوا معناها ولا الرد عليها، علما أن هذا المثل أصله عربي.
فالعرب تقول: أقر الله عينك بمعنى أبرد الله دمعتك لأن دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة، وأقر مأخوذة من القرور وهو الماء البارد، ويأتي معنى أقر الله عينك بصادفت ما يرضيك، فتقر عينك من النظر إلى غيره، وعلى الضد من أقر الله عينك، أسخن الله عينك، وهو أن تبكي العين بدموع حارة من الحزن، مشتق من السخون بمعنى الماء الحار، ويقال: من سخنة العين وهو ما أبكاها وأوجعها على نحو قول ابن الدمينة:
يا سخنة العين للجرمي إن جمعت
بيني وبين هوى وحشية الدار
والحقيقة أن قرة عين كل مؤمن الفوز بالجنة والنجاة من النار، من هنا يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن أصل العبارة عربي قح، لذا وردت قرة عين في القرآن الكريم ففي سورة السجدة الآية: 17 يقول المولى عز وجل: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)، ووردت أيضا في سورة القصص الآية: 9 (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وجعلت قرة عيني الصلاة، وقد بين المفضل الضبي في كتابه الفاخر في الأمثال المعنى بالتفصيل، وشرحه شرحا وافيا، وعلى السياق نفسه يقول ابن الأبار البلنسي:
يا قرة العين إن العين تهواك
فما تقر بشيء غير مرآك
ويقول العباس بن الأحنف:
يا قرة العين يا من لا أسميه
يا من إذا خدرت رجلي أناديه
من هنا أقول ليت وزارة الإعلام تكثر من هذه البرامج التراثية، ليتعرف الجيل الحالي على لهجة الآباء والأجداد، ويستفيدوا من حكم وأمثال من سبقهم.. ودمتم سالمين.