المركزية تعني الاحتفاظ بالصلاحيات والتقليل من تفويضها إلى المرؤوسين، واللامركزية تعني تفويض السلطة إلى مستويات أدنى لتشارك في اتخاذ القرارات، وكلما توافرت أساليب الرقابة وجرى تحديد ضوابط تمت زيادة درجة اللامركزية.
في الدول العربية تطبق المركزية كثيرا وتحت مسميات الباب المفتوح، فيطلب من القيادي أن يفتح أبواب مكتبه لاستقبال المراجعين والتدقيق في المعاملات ثم التوقيع عليها بلا مانع وبما لا يخالف القانون.
من الطبيعي والمفترض أن لا توجد فواصل وحواجز بين المسؤول والمراجع لأنه في الأساس وجد لخدمته، وشخصيا أرى أن المركزية في العمل بسبب انعدام وجود ضوابط واضحة تتيح للقيادي منح الصلاحيات بالمهام الموكلة اليه، وأعتقد أن تكدس المراجعين أمام باب مكتب المسؤول لا يمكن أن يكون دليلا على نشاطه وفعاليته، كما يتصور البعض.
في الدول المتقدمة، سياسة الباب المفتوح تعني أن يفتح المسؤول باب مكتبه (لدخول) الموظفين والمستشارين لبحث ومناقشة الأمور الإدارية والتطويرية والاستراتيجيات، كما تعني خروج المسؤول من مكتبه الى الإدارات التابعة له والتأكد من انتظام الأداء وسير العمل بالشكل المطلوب فيها، ومعالجة المشكلات والعقبات التي تواجه العاملين عند أداء المهام الموكلة إليهم أولاً بأول.
بعد هذه المقدمة، أين نقف نحن بين المركزية واللامركزية؟ وبأي مفهوم تطبق سياسة الباب المفتوح؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج الى جهد او تفكير، فنحن نطبقها بشكل خاطئ وندفع القيادي لأن يتفرغ لإنجاز معاملات المراجعين وترك التطوير والتحديث جانباً، وأظن وآمل أن يكون ظني خاطئا أن عددا من القياديين يعشقون المركزية ويشعرون بالمتعة كلما شاهدوا طوابير المراجعين ينتظرون في الممرات وأمام أروقة الإدارة.
أعلم اهتمام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد النواف ووكيل الوزارة الفريق أنور البرجس على إحداث فارق في أداء وزارة الداخلية والارتقاء بالخدمة وبمستوى الأداء، وما أتمناه أن نكون خليطا فريدا بين فن المركزية الحقة وإنجاز المعاملات، فلدينا حكومة إلكترونية وبسهولة أن نعرف أي تجاوز ارتكب من قبل مسؤول ليس في مستوى القيادة، ولدينا قانون يحاسب أي شخص تجاوز بحيث يتفرغ كبار القياديين للتطوير لا أن يكون الأمر مقصورا على أن يمضي القيادي معظم وقته في تلقي المعاملات واستقبال المراجعين.. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]