الكويت بلد الديموقراطية منذ نشأتها، ولا حياد عن هذا المبدأ، فقد اختار أبناؤها أول حاكم لها بالتشاور والاتفاق ومن ثم الإجماع، وكانت الدواوين ومازالت منبرا للحرية وتبادل الآراء.
واليوم الوضع لم يتغير عما كان عليه، فلا حاجز بين الحاكم والشعب، ومع ذلك لا بد أن يعرف الجميع أن الكويت بلد صغير لا يتحمل التأزيم، وللأسف نحن نرى كثيرا من السياسيين يبحثون عن الشهرة ومصالحهم الشخصية، ويتلونون من أجل ذلك، والتأزيم والتصعيد لا يحل المشاكل، بل يجعلها عصية على الحل، وفي هذه الحالة لا يأتي الإنجاز في هذا الجو المتكهرب، ويجب أن نتحمل جميعنا المسؤولية وأن نضع الكويت نصب أعيننا، ونسعى لمصلحتها لا لمصالحنا الشخصية، وبالحوار تحل أصعب المشاكل، وقد قام مجموعة من النواب الأفاضل بالاعتصام في مجلس الأمة ورأوا أن في ذلك وسيلة للتعبير عن رفضهم لما آلت إليه أوضاع البلد وهذه وجهة نظرهم وتقييمهم للأوضاع.
وهذا من حقهم ونحن بدورنا نحترم وجهة نظرهم ما لم يؤل ذلك إلى الفوضى وانفلات زمام الأمور، ولكننا لنا رأي في هذا الأمر ونرى فيه عين الصواب، فلم لا تشكل هذه المجموعة وفدا وتقابل سمو ولي العهد للتشاور مع سموه في حل هذه المشكلة؟ ويمكن أن تطرح هذه المجموعة وجهة نظرها، وتستمع أيضا إلى وجهة نظر سموه، ولا بد أن يكون هناك حل لهذه المشكلة شريطة أن يتعاون الجميع، وألا يغرد أحد خارج السرب، فنحن لا نريد أحداثا مثل تلك الأحداث التي مرت بها الكويت عام 2011 وأساسا لم يعد الوضع كما كان في ذاك الوقت، كما أننا لا نريد لمجلس الأمة أن يحل.
ولم يعد مقبولا حالة الاحتقان التي يفتعلها أناس يريدون تعطيل مصالح الناس، وإظهار عنتريات لا تليق بهم، والتعاون والتكاتف مطلوبان حتى لا نعطي الفرصة لأعداء الوطن في نفث سمومهم بيننا، ومعظم النار من مستصغر الشرر، إن مجلس الأمة هو مجلس الشعب والناطق باسمه ولا غنى لنا عنه، ولكن الأمور لا تدار إلا بالحكمة والتشاور حتى لا تنحرف عن مسارها ويبقى للاتفاق مكان، حتى وإن كان هذا المكان صغيرا سيتسع عند التشاور ويكون هناك نقطة يتفق عليها ولا يختلف عليها أحد.
لا نريد للاختلاف أن يفسد قضايا حيوية تصب في مصلحة البلاد والعباد، ولا نريد أن نخرج عن توجيهات ولاة أمورنا، ولا نريد أيضا لمستوى النقاش فيما بيننا أن يكون عقيما وبلا جدوى، أو أن نكرر أخطاء الماضي، فنحن بحاجة ماسة إلى سياسة متوازنة فلا نستبق الأحداث بل نتروى ونترك عنا المشاكل الجانبية وإعطاء الأمور فوق حجمها، فنحن نريد مجلس أمة للإنجاز لا للتأزيم، ونريد أيضا حكومة قوية.