يروي لي الدكتور الفاضل ياسين طه ياسين أنه كان يراقب في مساء كل يوم خلال جلوسه في حديقة خلال فترة علاجه بأوروبا من وعكة صحية ألمت به قبل نحو سنة، زوجين أعمارهما تقارب السبعين عاما وهما يقودان الدراجة ويعودان من نفس الطريق وخلفيهما كيس صغير يحمل بضاعة من السوق، وفي احد الأيام أوقفهما ليسألهما عن سر نفس الكيس الذي يحملانه مساء كل يوم؟ وكان جواب الزوج: إنه يذهب في كل يوم إلى السوبر ماركت لشراء قوت كل يوم بيومه، ورد عليهم الدكتور ياسين: ولماذا لا تشترون أغراضكم مرة واحدة ولمدة أسبوع أو شهر كما نعمل نحن في الكويت بدلا من التعب في كل يوم؟! رد عليه الزوج: من أجل توفير المال وتوفير السلع للجميع نأخذ حسب حاجتنا، ومن أجل ذلك أيضا لا نقود سيارتنا إلا للمشاوير الضرورية، ولأننا بلاشك لا نضمن حياتنا في اليوم الذي يليه.
مع قرب موعد الانتخابات تزداد الأصوات التي تطالب بعدم مسّ جيب المواطن، وبأنه خط أحمر وأنا أتفهم وأؤيد بلا شك ذلك، ولكن قبل جيب المواطن والأهم بنظري منه والمهم أيضا لجيب المواطن هو: جيب الوطن، من يحميه؟ ومن يدافع عنه؟! المستباح من قبل الحكومة والمهدور من قبل المواطن والمقيم!؟
فعندما يتم اكتشاف فساد مسؤولة استباحت المال العام واستغلت منصبها لإعطاء المنح من أراضي الدولة لأقاربها تكتفي الحكومة بإقالتها، وعندما يستغل المسؤول منصبه لتعيينات انتخابية للمرشح ابن قبيلته تكتفي الحكومي بعدم التجديد له، في المقابل سلوك المواطنين غير المبالي بوجود أزمة مياه وموارد في العالم وقد تنعكس على الكويت، وفي تعاملهم مع الكهرباء والماء في المنازل، وتعاملهم مع ممتلكات الدولة في المباني العامة ومراكز عملهم، وتعامل المواطن والمقيم مع أخذ فوق الحاجة من الأدوية عند مراجعة المراكز الصحية، وفوق الحاجة من الأكل في الجمعيات التعاونية والتموين وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى وقفة من الجميع من اجل الوطن، لأنه لو اعتبرناه بئر ماء يجب علينا المحافظة عليها لكي لا تنضب ولكي تروي الجميع، ولو اعتبرناه شجرة.. نستظل من ظلالها، ونأكل من ثمراتها، بدلا من تكسيرها وحرق أغصانها، فلنقتصد لتدوم.
نعم لله الحمد، نحن في الكويت بخير ونعمة، ولكن النعمة زوالة، وحتى لو كانت الدولة غنية فلابد أن نحافظ على مواردها.
[email protected]