ها نحن نخطو في اتجاه الانتخابات المقبلة لمجلس الأمة، وتطفو على السطح كثير من الظواهر السلبية تواكب حملات بعض المرشحين لهذه الانتخابات، وتشوه هذا العرس الديموقراطي، فلا شك أن من حق كل مرشح يريد ترشيح نفسه للمجلس أن يقوم بإعلان برنامجه الانتخابي، وأن يفعّل تطلعاته وأحلامه إن حالفه الحظ وحقق النجاح ودخل المجلس المقبل، فالطريق إلى المجلس ليس مفروشا بالورد، فهذه الحقيقة ينبغي ألا تغيب عن ذهن كل مرشح، لأن الكويتيين أدركوا الكثير، ولم يعد خافيا عليهم المرشح الصالح من الطالح، ولم يعد خافيا كذلك ممارسات بعض النواب في المجلس السابق والمجالس السابقة، وما قدموه للكويت وما اقترفوه أيضا في حقها.
لكن هناك ظاهرة، ولا أحسبها جديدة، بدأت تظهر واضحة للعيان وفي توظيف المال لتحقيق الأهداف في الوصول إلى قمة البرلمان، وهي شراء الأصوات والذمم، فسمعنا وسمع الكثيرون عمن يعرضون آلاف الدنانير على المعاونين ليعملوا معهم في حملاتهم الانتخابية ويكونوا مفاتيح انتخابية لهم تجلب أصواتا تشترى لتصوت لصالح المرشح مقابل مبلغ من المال.
ولا شك أن شراء الأصوات تخريب متعمد للكويت وخيانة عظمى لوطننا، لأن من باع صوته وضميره غير أمين على بيته وأولاده وشرفه، ومن عرض المال واشترى غير أمين أيضا على مصالح البلاد والعباد، فالأمانة كل لا يتجزأ، فأنت أيها المرشح عندما تعرض المال لشراء الأصوات تدرك تماما أنك غير أهل لأن تصبح نائبا يمثل القاعدة العريضة التي انتخبتك أو التي اشتريت أصواتها، ستدخل إلى المجلس إن قدر لك النجاح، بهذه الطريقة الدنيئة، وأنت تشعر بشرخ ووخز في ضميرك، إن كان لك ضمير، ثم ستسعى جاهدا لتعويض ما أنفقته على حملتك الانتخابية بشتى الصور.
إذن لن تتجرد من الأهواء وأنت تناقش وتشرع القوانين وسيغلبك الهوى والمنفعة، وستكون كل قراراتك ومناقشاتك بصيغة المنفعة والتربح، ولن تستطيع أن ترفع عينيك على وزير أو تبدي رأيا أو اعتراضا، لأن وصولك إلى المجلس عن طريق التدليس واستغلال المال في شراء أصوات من ذمم من لا ضمير لهم.
وأنت أيها الناخب، عندما تسمح لنفسك بأن تمد يديك لتتناول ثمنا لصوتك، فإنك تلغي وجودك وكيانك وكيان أسرتك، وتسهم من حيث تدري أو لا تدري في تدمير الكويت وديموقراطيتها والقضاء على آمال أولادي وأولادك في مجلس يشرع ويناقش ويعترض ويستجوب هدفه مصلحة الكويت أولا وأخيرا.
إن المال الذي قبضته أنت وأمثالك لن يتحقق من ورائه ذلك، بل سنجد مجلسا فيه أعضاء مؤتمرون مصفقون مهللون لا يرون إلا ما تراه الحكومة، ومثل هذا المجلس لن تجد من ورائه قرارا يرعى مصالح الناس، لأن الغشاشين قد يخدعون الناس مرة، لكن سرعان ما يكتشفهم شعبنا الكويتي، وشعب الكويت منتبه وواع تماما أن المرشح الذي يشتري الضمائر اليوم سيبيعنا غدا وبأبخس الأثمان ولأول مشتر.
فالكويت أمانة، وصوتك أمانة لا تفرط فيه، فمن سقط في مستنقع المتاجرة بالأصوات سهل عليه بيع ما هو أثمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش).
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه اللهم آمين.
[email protected]