«إذا فشلت ألف مرة فعليك أن تجرب مرة أخرى»، هذه الحكمة التي يؤمن بها الشاب الكويتي عبدالعزيز البحر، الذي خاض غمار المنافسة من الكويت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وصولا إلى وظيفة مرموقة في شركة «آبل» عملاق صناعة الهواتف عالميا، والذي تركها بحثا عن مغامرة جديدة في عالم ريادة الأعمال، والتي أثمرت شركة The Taken Seat لتأسيس وتمويل الشركات الناشئة.
ما تفاصيل رحلة البحر التي بدأت بتفوقه في الثانوية العامة وحصوله على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية ومن ثم الماجستير في أميركا؟ وكيف حصل على وظيفة في شركة Apple العالمية؟ ولماذا تخلى عنها؟ وكيف شارك في تأسيس شركة The Taken Seat؟ وما مشروعاتها الناجحة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وأكثر، وللوقوف على التفاصيل، حل عبدالعزيز البحر المدير التنفيذي للعمليات في شركة The Taken Seat، ضيفا على بودكاست «Let’s Talk Business»، الذي يقدمه نائب مدير عام وحدة البحوث الاقتصادية في بنك الخليج طارق الصالح.
يقول البحر: بدأت المنافسة الجدية من الثانوية العامة والتي تكللت ولله الحمد بكوني أحد الأوائل على دفعتي، لتبدأ رحلة جديدة في كلية الهندسة والماجستير في الولايات المتحدة، وهي بيئة تنافسية صعبة استنفدت مني جهدا كبيرا، ما جعلني أعتاد المنافسة وركوب الصعاب.
وأضاف: بعد البكالوريوس حاولت مرارا وتكرارا الالتحاق بوظيفة في شركة Apple العالمية، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل، بسبب شراسة المنافسة، لكنني لم أيأس ودرست الماجستير، وعاودت التقديم مجددا، إلى أن تم اختياري في وظيفة مرموقة بالمقر الرئيسي في سان فرانسيسكو، من ضمن مهامها الإشراف على انتاج «آيفون» وأجهزة أخرى في خطوط إنتاج الشركة بالصين.
وتابع: كانت بحق تجربة فريدة من نوعها، صقلت قدراتي وتعلمت منها الكثير، وفي مقدمتها التفاصيل، فلو يعلم العميل الوقت والجهد الذي يبذل في كل مكون دقيق من الجهاز الذي يحمله لذهل، وكيف أن مئات الساعات من التحضير تبذل قبيل كل عرض أو مؤتمر مدته 5 دقائق فقط.
الكرسي المأخوذ
واستطرد: حصلت على خبرة ممتازة وكنت أستطيع البقاء هناك 20 سنة أخرى، لكنني اكتشفت أن منطقتنا والكويت تحديدا تزخر بإمكانات كبيرة، وهناك فرص جبارة تحتاج إلى من يقتنصها، لاسيما أن الشركات الناشئة والتكنولوجية في بدايتها، ولهذا فضلت ترك «آبل» وخوض وغمار المنافسة في عالم ريادة الأعمال.
وأشار إلى أنه فور عودته إلى الكويت في يونيو 2019 شارك في تأسيس شركة The Taken Seat والتي تعني «الكرسي المأخوذ»، وتستهدف تأسيس مشروعات ناشئة من الألف إلى الياء، سواء كانت الفكرة منا أو من آخرين، ونعمل على تطويرها وتوفير التمويل اللازم لها.
وأوضح أن الفكرة جاءت من وادي السيليكون في أميركا، فقد وجدنا أن الدورة الريادية في منطقتنا غير مكتملة، ففي الوقت الذي يمتلكون كافة المقومات من المواهب والتمويل والمؤسسات التعليمية والقانونية وغيرها، لا يوجد في منطقتنا الا التمويل وغالبا مفتت، ومن هنا كان دورنا هو تأسيس دورة ريادية مكتملة، عبر تأسيس شركة قابضة تحتها شركات ناشئة.
وأضاف: على الرغم من أن تجربتنا الأولى بتأسيس شركة تأجير ملابس على غرار شركة أميركية شهيرة لم تلق النجاح اللازم، نتيجة اصطدامها بأزمة «كورونا»، إلا أن النجاح كان حليفنا في مشروعات أخرى مثل «دكان» و«خبرة» و«فز».
اختيار الفكرة
وعن آلية اختيار الفكرة أو المشروع، قال البحر: في البداية نختار الفكرة، وندرس السوق جيدا من حيث مستوى المنافسة وسهولة تأسيس الشركة، شريطة أن يكون السوق المستهدف لها كبيرا ويحتمل التوسع أكثر وأكثر، بما يتوقع معه أن تكون شركة مليارية في يوم من الأيام، ومن ثم نستثمر فيها رأس مال يكفيها لممارسة نشاطها من سنة إلى سنة ونصف.
وذكر أن الجولات الاستثمارية في الشركات الريادية بشكل عام تبدأ من الجولة الأولى لتمويل تأسيس الشركة والمصاريف القانونية والتسويق، وبالعادة يأتي هذا التمويل من الأهل والأصدقاء ويتراوح حجمه من 250 إلى 750 ألف دولار تقريبا، ثم تتوالى الجولات، وفقا لمراحل تطور المشروع.
وأشار إلى أن التمويل يأتي إما من مستثمرين أشخاص أو شريك استراتيجي أو صناديق الاستثمار الجريئة، التي تستهدف الاستثمار في شركات التكنولوجيا الناشئة عالية المخاطر، وقد تصل حدة المخاطرة إلى نجاح شركة واحدة من كل 10 شركات يجري تأسيسها، ولكن نجاحها يكفي لتعويض كافة الخسائر، بل وتحقيق أرباح كبيرة.
«صحتي» و«خبرة»
وقال إن من لديه فكرة مشروع يتواصل معنا لمساعدته في تطويرها، وإن كنا أيضا نستثمر في الأشخاص، فالشخص المتميز يضمن لك نجاح الفكرة، على سبيل المثال فكرة تطبيق «صحتي» موجودة منذ 2016، ولم تر النور إلا بعد أن توفقنا إلى رئيسها التنفيذي د.نديم الدعيج، وحاليا تسجل نموا ممتازا وتتواجد بأكثر من دولة خليجية و85% من عملائها في السعودية.
وكذلك فإن الشيخ فهد الصباح قد عرض علينا فكرة تطبيق «خبرة» للتوظيف، واستثمرنا فيه، واليوم تغلق الجولة الاستثمارية الثانية لها بما يقارب مليون دولار، وتتواجد في 4 دول خليجية الكويت والسعودية والامارات والبحرين وبعدها مصر.
واختتم البحر الحوار مؤكدا أهمية الشركاء وفريق العمل لنجاح أي مشروع، خصوصا إذا كان هناك تناغم وتوافق وكل شخص يقوم بدوره، ناصحا المبادرين بتركيز الأولويات الأهم فالمهم والاعتماد على أشخاص ثقة في تطوير التكنولوجيا، لافتا إلى أن العمل الجاد هو الفاصل بين الفشل والنجاح في معظم الأوقات.