الحمد لله الذي مد في عمري فعشت دهرا عاصرت خلاله الكويت في زمنين، حكمنا خلالها عدد من أمراء الكويت بدءا بحكم سمو الشيخ صباح السالم، ومن بعده سمو الشيخ جابر الأحمد، وسمو الشيخ سعد العبدالله، ثم سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمهم الله تعالى جميعا، وها أنا ذا أعاصر حكم صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد مده الله بالصحة والعافية، وكلهم كان محبا لشعبه حريصا على وطنه، فاتحا قلبه لهموم مواطنيه، لم نر منهم إلا الخير.
نعم لقد عاصرت كل هؤلاء الحكام بكل الأحداث التي مرت بها الكويت في عهودهم، وهناك أحداث مؤلمة ربما لا يعرفها أبناء هذا الجيل بدءا بحادثة «الصامتة» التي لازالت عالقة في ذهني، ثم خطف الطائرات الذي استمر لسنوات، فالتفجيرات التي طالت كل مكان في الكويت حتى المقاهي الشعبية والصحف، ثم المحاولة الآثمة المتمثلة بمحاولة اغتيال أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، ونجاته منها بأعجوبة، ثم الطامة الكبرى والمصيبة العظمى وهي الغزو الصدامي البغيض للكويت، ذلك الغزو الآثم الذي جثم على صدورنا شهورا عدة، وكأننا لا نتنفس الهواء.
لا تزال كل هذه الأحداث راسخة في الذاكرة لا يمكن نسيانها، أحداث عانى منها وطني وأبناء وطني، والحق أن كل مدرك وواع يعلم تمام العلم أن كل هذه الأحداث المزلزلة تغلبت عليها الكويت بجدارة، وانتصرت بتفوق، ذهبت تلك الأحداث بما فيها من آلام ومآس وعادت الكويت أقوى وأفضل مما كانت عليه بفضل من الله تعالى أولا ثم حسن نية ولاة أمورنا ثانيا، وتمسك الشعب الكويتي بقيادته ثالثا، وأعمال الخير التي دأب أهل الكويت على فعلها بكل زمان ومكان، فلا تصدقوا كائنا من كان يقول غير ذلك.
ولن يأتينا أشد من الغزو البغيض على الإطلاق، إلا إذا وقع بأسنا بيننا، وأخاطب هنا عقلاء القوم أصحاب العقول الراجحة، أما المجانين فمصرح لهم أن يقولوا ما شاءوا، فالقلم مرفوع عنهم، ومن يصدقهم فهو مثلهم، والكويت محفوظة بإذن الله بقيادتها وأهلها وسياستها المتزنة، وأعمال الخير التي وصلت العالم كله، فلا نبطر هذه النعمة التي حبانا الله بها، ولنحمد الله حمدا كثيرا عليها كي تدوم وتستمر.
والحقيقة أن مظاهر البطر عندنا كثيرة تجدها في كل مكان في الملبس والمأكل وحتى وصل البطر إلى التفرد بالرأي عند البعض، والعناد الأعمى، حتى أنهم يوحون لنا بأنه لا رأي إلا رأيهم هم الجهابذة في كل شيء، أما آراؤنا فهي ضعيفة سخيفة، لا مكان لها من الإعراب عندهم، إن الكبر والبطر كثرا عندنا وبشكل ملحوظ دون النظر لعواقبهما، وقد حذرنا الله تعالى منهما أشد التحذير وبين لنا سوء عاقبتهما، وإذا بطر المرء نسي الله فأنساه الله نفسه ومد له في طغيانه، والهلاك عاقبة بطر النعمة، فلنحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ولنتبع سبيل الرشاد.