إن للشباب طاقة وقدرة وطموحا لخدمة الوطن والمجتمع، خاصة مع ارتفاع نسب التعليم والازدياد المرتفع للجوانب الثقافية، وأيضا ارتفاع نسب الحاصلين على شهادات جامعية من كليات دولية معتبرة معترف بها، وارتباط تلك العوامل مع «حماس الشباب التقليدي» لصناعة تغيير إيجابي في الحياة وتطوير عجلة التنمية البشرية والاقتصادية والإنمائية في مختلف المجالات.
لذلك رفع كفاءة القطاع الشبابي واستثمارهم أمر مهم وحيوي، عن طريق تأهيلهم لدخول سوق العمل وتزويدهم بالخبرة المهنية والمهارات المعرفية والفنية والريادية والسلوكيات الأساسية، وتلبية لضروريات المرحلة الحالية التي تستوجب الدفع بالكفاءات الوطنية الشابة للحصول على فرص عمل تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم، بالإضافة إلى تمكينهم من تطوير أنفسهم وقدراتهم بطريقة فعالة واحترافية، ومن هنا يصبح «عامل الخبرة» و«عامل السن» من الأمور المهمة المفقودة لديهم، وهي أمور لها دورها وأهميتها في التقييم وتقليل الأخطاء وضبط الاندفاعات العاطفية الحماسية إذا صح التعبير، لذلك يجب عدم وضع جميع المناصب القيادية في يد الشباب «حصرا»، لأن عنصر الخبرة والسن لهما أهمية ضرورية جدا ولا يجب التفريط بها أو محاربتها لدواع تتعلق بـ «تمكين الشباب» فأصحاب الخبرة وجودهم أساسي في كل الأعمال وعطاؤهم مطلوب دائما.
وهذه الأمور لاحظتها على المستوى التطبيقي العملي من خلال تجربتي البريطانية، حيث تعلمت وتدربت على يد «البروفيسور الن ماكراجر» رائد طب الهرمونات في مستشفى كينج كولج وكان له من العمر ما يقارب الثمانين وظل نشيطا ومنتجا ومبدعا وضابطا للأمور في المستشفى والجامعة، وأيضا لمست أهمية عامل السن والخبرة داخل الكويت من خلال الاستشاري د.عبدالناصر العثمان من حيث معرفته الواسعة بالعمل الإداري ناهيك عن طريقة تعامله مع أصعب الحالات الطبية واعقدها في شكل حرفي مميز.
ومن الجانب الشبابي إذا صح التعبير أتذكر الاستشاري الشاب د.عرفات الطفيلي من مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث قدم تطويرا لافتا مهما في الخدمة الصحية لعلاج مرضى السرطان، وفي المقابل في المملكة العربية السعودية كان دور الخبرة والعمر مع نجاحات استشاري الأمراض السرطانية د.محمد عصام الدين فوزي، من خلال اشتراكه خلال شبابه في تأسيس وحدة أمراض الدم والأورام في مستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض وكان الدينامو المحرك فيها وقبل تقاعده أسس وحدة أمراض الدم والأورام في مستشفى الحرس الوطني في الأحساء، وحاليا هو بصدد تأسيس وحدة علاجية جديدة وهو بالسبعينيات من العمر في بلده الأم «مصر».
ما أريد قوله إن العمر الكبير لم ولن يكون عائقا وأيضا الشباب طاقاتهم مطلوبة، لذلك نحن نؤيد مسألة وجود «خليط منسجم» يدمج بين الاثنين معا حيث يتعلم الشباب من الكبار والعكس صحيح بما يمثل توازنا وضبطا في الحركة، وهذه كانت محصلة تطبيقية تنفيذية واقعية عشتها وعايشتها مع كل سنوات عملي الطويلة في القطاع الطبي داخل وخارج الكويت وأتصور أن تلك المسألة الخاصة في دمج الشباب والخبرة لديها مجالها الواسع وخاصة في الجامعة والقانون والنشاط الأكاديمي.