إن النظافة حضارة، وهي دليل التمدن والرقي، ودليل الأخلاق والسلوكيات البشرية الحسنة، فما يحدث على الساحة المجتمعية شيء عجيب بصورة لا تطاق، فأي همجية سلوكية يعيشها الكثير من أفراد المجتمع، عوائل تخرج للنزهة ويتركون آثار نزهتهم بصورة بشعة، وشاب جامعي يرمي قذارة سيارته على الأرض في الحرم الجامعي رغم أن حاوية المهملات قريبة منه، وأم مع أبنائها ترمي كيسا من نافذة السيارة وسط الشارع دون خجل من اسقاط قدوتها أمام أطفالها، ووافد ينظف حاوية السجائر في الشارع مقابل إشارة المرور دون حياء (يا غريب كن أديب) وليس كل الوافدين، فتحية كبير لمن يقطن على هذه الأرض ويسعى في إعمارها، وإذا كان أصحاب البلد لا يعتلون للأمر أهمية فما بال الغريب؟!.
إن انحدار ثقافة المجتمع شيء معيب علينا كمجتمع إسلامي من مبادئه الطهارة، إن الحضارات التي يسافر لها العرب ويتشوقون لزيارتها ما هي إلا أساسها مبني على النظافة، حيث نظافة الشوارع والمباني والحدائق وجميع المرافق، لذلك يسعد الناس بالنظافة، فأول شعور يرفع من سعادة الفرد قبل أن يكون مبنيا على الجمال المعماري والتكنولوجيا وغيرها هي النظافة.
في الأسبوع الماضي كنت في زيارة لجامعة الكويت (الشدادية) فأول كلمة أتفوه بها هي الشكر الجزيل لبلدي على الصروح المعمارية الجميلة التي تملأ المدينة الجامعية، وعلى ما توفره من سبل الراحة والرفاهية للطالب، ولكنها للأسف تحتاج لإدارة حازمة تضع قانونا ينظم سلوكيات الطالبات والطلبة، وندوات مستمرة ترفع من قيمهم الأخلاقية.
شيء محزن أن نرى شبابنا عندما ينتهون من أطعمتهم يرمون مخلفاتهم في قاعات المحاضرات والمرافق والحدائق، فالسؤال: لِمَ كل هذا الإسفاف والاستهتار واللامبالاة من أبنائنا الطلبة فقبل التعليم يكون الخلق، والنظافة قيمة أخلاقية يدرب الطفل عليها منذ الصغر، وذلك لأنها شطر الإيمان؟
ومما سبق كان على مستوى الجامعة فما بال المجتمع الكبير؟، فلابد من وضع القوانين الصارمة والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة التي تفعل من ذلك النظام وتروض سلوكيات العامة، وعلى الوزارة والمختصين الاهتمام بنظافة الكويت، فالكويت باتت متسخة بشكل لافت للنظر.
ولو خرجنا للشوارع فسنجد الكبير والصغير والرجل والمرأة والشاب والشابة والأطفال والموظف والمعلم والمعلمة والطلبة والطالبات الكثير منهم يفتقر لقيمة النظافة وقيمة الغيرة على الوطن (إلا من رحم ربي)، إن الرقي ليس باللباس الغالي والموضة والتصنع والتشدق والتكليف المبالغ، فالذي يحافظ على نظافة الشارع ولو كان الشارع متسخا تجده راقيا بنظافة القلب والمظهر والكلام، وهذا ما نطمح له في رفع أخلاقيات أفراد المجتمع للأفضل، وحتى يتغير الأفراد لابد من التربية والتربية لا تصقل إلا بقانون حازم وغرس مهارات سلوكية وتعليم جيد وقدوة حسنة ودين.
LinesTitle@