«لكل زمان جولة ورجال»، كما يقول المثل المعروف، لعلنا نتعرف عليه للأجيال الحالية، ونتعرف على أسباب هجرانه بالذات من منابعه التراثية للدول العربية والإسلامية للتوصل إليه كنموذج يخاطب العقول قبل الآذان للعريق من البلدان الزاخرة بثقافتها المتعددة منها مخاطبة السلطة وصانعي القرار بأسلوب محترم، ووقار تنطلق كلماته كالنسيم العليل، تجرح وتداوي كل أمورها، أبدع بذلك الفنان عزيز علي عيد بتسجيلاته الصوتية آنذاك حيث لم تكن هناك تقنية إعلامية كالزمن الحالي، وتباعد المسافات بالأسفار وغيرها بين العراق وجيرانه بلاد الشام وأرض الكنانة والسودان، وخارطة الوطن العربي والإسلامي كافة.
كان المونولوجست يقوم باستعراض تجارته لنوع منولوجه للجماهير، يتقبلها المسؤولون بحكمة وتقدير لتلبية «اللي ما يصير يصير لخاطر عيون الرعية»!، ولا ننسى بذلك أم الدنيا ومبدعة المونولوج المسرحي لاسيما خلال الحفلات الشعبية، والأفلام السينمائية لتصل رسالتها للقمة وتأكيد القرار، والتجاوب بلا فرار!
تلك الهامات الفنية لم تبعد عنها بلاد الشام، ودول الخليج، مجتمعة ومتفرقة، تنادي ونعم المنادي لتحقيق وتوجيه وتصحيح ما يلزم إصلاحه عبر المونولوج الغنائي بلا تشنج ولا جرح مشاعر حاكم أو محكوم بكلام دسم ومهضوم، غاب اليوم عن الساحة وترك ذكراه لمن يعدل المائل، بوفاء صادق متميز كما قالها أحد رواده في ستينيات القرن الماضي، المغفور له بإذن الله المرحوم الأستاذ عبدالجبار مزعل عبدالجليل الرندي لأوضاع زمانه عن الحسد المالي: «عندك 100 ليش حاسد عشرتي»!، و«يا للي تخطب من بره بنات بلادك أحسن لك» و«يا شرطي المرور».
ومثله زملاء زمانه كالمرحوم أحمد العامر، ومحمد الويص، وأحمد القطامي وقبلهم جيل مخضرم أدوا ذات المهمة الإعلامية عبر المونولوج تشهد لهم جماهيرهم، الأحياء منهم والأموات برحمة خالق الأرض والسموات، والبركة بالمختصين للبحث عن جواب تعريف المونولوج للأجيال الحالية، بارك الله جهودكم.