منذ أن جاءت حكومة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، وهي تتعامل مع المعطيات الخارجية المتغيرة بصفة مستمرة ودائمة بسبب الأحداث الدولية التي يشهدها العالم خلال تلك الفترة، ونظرا لأن الحكومة الجديدة تقع عليها مسؤولية الإصلاح الشامل، وإعادة ترميم ما فسد مسبقا لذا فإن قراراتها مصيرية وأي أخطاء بها سيزيد الأمر سوءا، ولكن علينا أن نقف هنا جميعا وننتبه إلى كيفية إدارة الأمور في الحكومة والتي أراها حكومة تمثل نموذجا قويا للديموقراطية، وتتصف بالمرونة في إصدار القرارات فلا تتشبث برأي ولا تتمسك بقرار يمكن أن يتسبب في ضرر لكويتنا والشعب مستقبلا، والثابت بالأمر أننا كمواطنين نزداد تمسكا وتفاؤلا بالحكومة الجديدة، وجميعنا لدينا ثقة بما تخطط له وما ستنجزه من أهداف، إلا أن جميع ذلك لم ولن يعفي حكومتنا من المراقبة الشعبية وتحقيق الإنجازات المنتظرة، وعلى جميع الأصعدة ستبقى الحكومة دائما تحت طائلة المحاسبة.
ومؤخرا أعلنت الحكومة عن سحبها من اللجنة المالية البرلمانية بعض مشاريع القوانين جاء من بينها الدين العام والسحب من احتياطي الأجيال القادمة ومشاريع قوانين لفرض الضرائب مثل اتفاقيتي القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، وعللت الحكومة ذلك بأن تلك القوانين تحتاج إلى مزيد من الدراسة، وهنا سأتطرق إلى ردود فعل البعض حول ذلك القرار، فمنهم من رأى أن الحكومة تسير في تناغم مع مجلس الأمة ويحاول الطرفان إصدار القرارات الأصلح للشعب، ومنهم من رأى أنه يجب على الحكومة التمسك بما أعلنت عنه وإلا فإنها ستكون غير ثابتة الرأي، أما أنا فمن وجهة نظر سياسية بحتة أرى أن حكومة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح تدرك تماما حجم مسؤوليتها، وتتجنب الوقوع في أي أخطاء وأن تراجعها عن إصدار بعض مشروعات القوانين أمر يستحق كل الاحترام، فهي ليست حكومة «ديكتاتورية» بل إنها حكومة جاءت من الشعب وإلى الشعب.
وكم أود أن أشيد بما أعلنت عنه الحكومة من مسودة لبرنامج إصلاحي أطلق تحت شعار «وطن آمن ورفاهية مستدامة»، ولعل ذلك العنوان ينم عن قراءة حقيقية للمشكلات المجتمعية والاقتصادية والتي باتت الكويت تعاني منها خلال السنوات الماضية، كما يكشف عن أن هناك تواصلا حقيقيا مع المواطنين ليكون الناتج الأخير هو برنامج إصلاحي يضم 10 محاور وركائز أساسية ضمت نحو 34 متطلبا تشريعيا و86 قرارا و8 مراسيم، والجيد في الأمر بأكمله أن الحكومة قد وضعت خطة زمنية لتنفيذ برنامجها يمتد من 2022 حتى 2026.
وأرى أن البرنامج الحكومي قد أعطى اهتماما كبيرا بالمبادرات التنفيذية التي يستهدف من خلالها العمل على تحقيق استدامة الأمان الاجتماعي لأبناء الكويت، وجعل الجودة عنصرا أساسيا بملفات الصحة والتعليم، هذا إلى بجانب تطوير نظم الرعاية السكنية، ولم يغض البرنامج الحكومي الطرف عن أصحاب الهمم ووضع آليات لدمجهم مجتمعيا، وكذلك دمج المرأة والاستفادة من قدرات الشباب، ورقمنة الخدمات الحكومة وذلك تواكبا مع مجريات العصر.
وكم أعتب كثيرا على البعض ممن هاجموا الحكومة وكانوا يطالبون ببرنامج حكومي يتم وضعه في فترة وجيزة منذ تشكيل الحكومة الجديدة، في حين آن الجميع يعلم أن وضع برنامج إدارة حتى ولو كان لمؤسسة أو منشأة صغيرة يحتاج إلى دراسة وافية، فما بالكم ببرنامج لدولة بحجم الكويت تضم مواطنين ووافدين، يهدف إلى الإصلاح والتخلص من تراكمات الماضي، وأن كل ما كانت تحتاج اليه الحكومة الجديد هو منحها بعض الوقت حتى تضع البرنامج الصحيح الذي لا تحيد عنه.
أؤمن بأنه باتت لدينا حكومة شديدة الإخلاص للكويت وشعبها، ويجب علينا أن نرد على ذلك بالمثل وأن نمد يد العون إلى حكومتنا الجديدة حتى تستطيع السير بنا جميعا نحو المستقبل بخطى ثابتة لا تردد فيها تحمل الخير لنا وللأجيال القادمة، وأن تراجع حكومتنا عن بعض قراراتها أمر إيجابي وأن هناك شعوبا تعاني من قرارات خاطئة صدرت ببلادهم.
[email protected]