من اللافت في نظام التعليم العالي الأميركي أنه لا يعتمد فقط علامات الطالب في الثانوية لتحديد قبوله أو مدى جاهزيته لدراسة المرحلة الجامعية الأولى ـ البكالوريوس، بل إنه يعتمد كذلك اختبارات للقبول، من أشهرها اختبار الكليات الأميركية American College Testing (ACT) واختبار التقييم الدراسي Scholastic Assessment Test (SAT)، والتي تقدم بيانات تسمح بالمقارنة بين المتقدمين، بالإضافة إلى رسائل التزكية والتوصية من المدرسين، والسير الذاتية للمتقدمين، وينظر إلى كل ذلك للخروج بالقرار النهائي حول قبول الطالب من عدمه.
وعادة ما يقوم طلاب الثانوية بتقديم طلبات القبول للجامعات الأميركية عبر منصة مركزية تدعى Common App، والمعتمدة من أكثر من 1000 من الجامعات والكليات داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهي تتيح للطالب التقدم إلى عشرات ومئات الجامعات في ذات الوقت، بعد أن يقوم بتقديم بعض المعلومات الأساسية عن نفسه، وبيانات حول التعليم والمناهج الدراسية، وأي وثائق داعمة له، ثم يكون القبول لكل جامعة حسب نظامها الخاص بها.
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه في امتحانات القبول ذلك الاهتمام الكبير باللغة وتقييم قدرات الطالب فيها، ففي اختبار SAT، على سبيل المثال، تشكل المهارات اللغوية أحد القسمين الرئيسيين للاختبار، وهي تشمل قسم القراءة والنحو بـ 52 سؤالا من أسئلة الاختيار المتعدد تتضمن قراءة فقرات أو جمل في مختلف المجالات الأدبية والعلمية، وقسم الكتابة واللغة بـ 44 سؤالا من أسئلة الاختيار المتعدد تتضمن القواعد والمعاني ومهارات التحرير، إضافة إلى قسم مقالي اختياري تشترط بعض الجامعات تقديمه، وهنا يثور التساؤل عن سبب الاهتمام الكبير بالمهارات اللغوية لتحديد قبول الطالب في تخصصات مثل الطب والهندسة وغيرها مما لا تعتبر المهارات اللغوية من مباحثها الأساسية.
يقترن بذلك اهتمام لافت بالرياضيات، التي يراها كثيرون لغة العلوم، وفي اختبار SAT تشكل الرياضيات القسم الرئيسي الثاني بعد المهارات اللغوية، وتقاس مهارات الطالب فيها بـ 58 سؤالا من أسئلة الاختيار من متعدد، يسمح باستخدام الآلة الحاسبة في 38 سؤالا منها، على حين يمنع استخدامها في 20 سؤالا، وقد كان تفوق المتقدمين من الطلبة الصينيين في مهارات الرياضيات السبب في سهولة قبولهم في العديد من الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة!
كذلك يتسم نظام التعليم العالي الأميركي بالمرونة، فرغم أن الطالب يختار تخصصا معينا وقت تقديم الطلب، وهو ما يشار إليه بـ attended، إلا أنه يتاح للطالب أولا وضع قدمه في الجامعة التي اختارها، والفرصة لدراسة بعض المواد، ثم أن يقوم بما يسمى Majoring أو التخصص، ولذا قد تستغرب أن يمر قبول طالب الطب والهندسة بنفس مراحل طالب التاريخ واللغة! بل يمكن أن تنقلب قدرات ورغبات الطالب رأسا على عقب إذا اتضحت الرؤية وتوافرت الإمكانيات! ولذا فقد أتاحت هذه المرونة للطلاب المجال للانتقال إلى تخصص آخر قد يجدونه، بعد الالتحاق بالجامعة، واعدا بصورة أكبر وأقرب إلى نفوسهم من التخصص الذي سبق لهم أن اختاروه.
[email protected]