قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسواق الأسهم العالمية شهدت أداء متقلبا بالربع الرابع من 2022، في ظل صراعها للبحث عن مسار محدد وسط البيانات الاقتصادية المتضاربة واستمرار حالة عدم اليقين إزاء سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وفكر المستثمرون كثيرا بالعديد من العوامل المتضاربة بما في ذلك السياسات النقدية المتشددة التي اتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي وارتفاع عائدات سندات الخزانة، ومخاطر الركود، وتوقع تسجيل الشركات لأرباح أضعف من جهة، وتراجع معدلات التضخم وجاذبية الأسعار المنخفضة التي وصلت لأدنى مستوياتها المسجلة منذ عدة سنوات، وفتح الصين لاقتصادها بعد تخفيف سياسات صفر كوفيد، في الجهة المقابلة.
وعلى الرغم من أن النتائج النهائية لهذه الفترة ربع السنوية كانت متفاوتة، إذ سجلت بعض الأسواق المتقدمة مكاسب ملحوظة، إلا أن الاتجاه السائد بقي سلبيا، وذلك نظرا لأن الارتفاعات المحدودة لم تكن كافية لعكس الخسائر العميقة التي شهدها عام 2022.
وبالنسبة للعام المقبل، ستعتمد إمكانية الانتعاش على سياسات الاحتياطي الفيدرالي وتحركات التضخم العالمي وتوقعات الركود، وقد تبدأ أسواق الأسهم رحلة التعافي إذا اعتدل التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع، ما يفسح المجال أمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف تشديد سياسته النقدية.
وعلى الرغم من أن الجدول الزمني غير مؤكد، إلا أن ذلك السيناريو قد يحدث خلال النصف الثاني من العام نظرا لإشارة الاحتياطي الفيدرالي في عدة مناسبات إلى أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة حتى يتحرك التضخم في مسار مستدام للعودة نحو مستوى 2% المستهدف.
كان أداء أسواق الأسهم العالمية إيجابيا في الغالب خلال الربع الرابع من عام 2022 بدعم من تراجع حدة المخاوف المتعلقة بالتضخم ورفع أسعار الفائدة، ما قلص وتيرة الخسائر السنوية التي لم نشهدها منذ عام 2008.
وخفت حدة المعنويات السلبية في الأسواق الناشئة وتراجعت تدفقات رأس المال للخارج بالربع الأخير من 2022، إذ ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة 6.1% على خلفية المكاسب التي حققتها أكبر مكونين للمؤشر، وهما الهند والصين (بوزن نسبي 45%)، بفضل الأسعار الجذابة نسبيا وتحسن التوقعات خاصة مع قيام الأخيرة برفع قيود سياسة صفر كوفيد في ديسمبر.
أما على صعيد الأسواق المتقدمة، فقد جاءت الأسواق الأميركية والأوروبية في الصدارة بتسجيلها مكاسب نتيجة مؤشرات مبكرة تدل على أن وتيرة التضخم بدأت تتراجع، ما يشير إلى توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تشديد سياساته النقدية في وقت أقرب مما كان متوقعا، إلى جانب تشديد أوضاع سوق العمل، الأمر الذي ساهم في تهدئة مخاوف الركود، وذلك رغم مواصلة الاحتياطي الفيدرالي توجيهاته المتشددة.
وارتفع مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز الصناعي بنسبة 7.1% و15.4% على أساس ربع سنوي، على التوالي، ما ساهم في تقليص خسائرهما هذا العام إلى 19% و9% على أساس سنوي كما في 31 ديسمبر، على التوالي، في حين نما مؤشر يورو ستوكس 50 بنسبة 14%، مقلصا خسائره السنوية إلى 12%.
وتشير النظرة المستقبلية إلى مواصلة المستثمرين التركيز على بيانات التضخم وسوق العمل باعتبارهما أبرز المؤشرات الرئيسية التي تحدد مسار أسواق الأسهم، إلا أن سياسات التشديد النقدي المستمرة تعد من أبرز المخاطر التي تهدد أداء الأسواق.
وعلى الرغم من ذلك، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتهدئة وتيرة رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المنعقد في ديسمبر، إذ رفع الفائدة 50 نقطة أساس مقابل 75 نقطة أساس في اجتماعاته الأربعة السابقة.
وعلى صعيد أداء الأسواق الخليجية، أشار تقرير الوطني إلى انه بعد تفوق أدائها على أقرانها العالميين خلال معظم فترات العام نتيجة تحسن المعنويات بفضل ارتفاع أسعار النفط والتوقعات الإيجابية، جاءت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في صدارة الأسواق التي حققت خسائر خلال الربع الرابع من عام 2022.
وخسر مؤشر مورجان ستانلي الخليجي ما نسبته 6.7% من قيمته، على أساس ربع سنوي، متأثرا بتقلبات أسواق النفط الخام، وسياسات البنوك المركزية المتشددة ومخاوف النمو العالمي، ما أدى إلى محو كل المكاسب السابقة ودفع الأداء السنوي للمنطقة السلبية (-6.3% على أساس سنوي كما في 31 ديسمبر).
وجاءت كل من دولة قطر (-15%) والمملكة العربية السعودية (-8.2%) في صدارة البورصات الخليجية التي منيت بخسائر على أساس ربع سنوي، وقد يعزى تراجع الأخيرة لعمليات جني الأرباح بعد تفوقها بشكل كبير على أقرانها في السنوات الأخيرة بسبب الإصلاحات التي ساهمت في تعزيز ثقة الأعمال والاستثمارات الرأسمالية القوية.
وفي المقابل، تفوق أداء سوقي الكويت وأبوظبي بتسجيلهما نموا بنسبة 5.3% و4.7% على التوالي، وقد تكون النتائج المتباينة ناجمة عن تفاوت الأداء سابقا والتقييمات النسبية للأسواق المعنية.