يقول أكثم بن صيفي الأسيدي، الملقب بحكيم العرب: «لكل ساقطة من القول لاقطة ينمها وينميها»، وبحسب معاجم اللغة العربية فإنه يعني أنه «لكل قطعة ساقطة على الأرض يد تلتقطها»، لكن هذه الحكمة مضت فيما بعد مثلا من أمثال الشعوب تضرب على الأخص في شأن الأشخاص الوقحين المتغطرسين الموجودين في كل مكان، الحمقى، الأغبياء، الناقصين أخلاقيا، والمهازيل وما شابههم في دنيا الناس، حيث تدعم هذه الفئات بعضها البعض، وتلمع لنفسها.
وقد جاء في مجمع الأمثال للنيسابوري: لكل قذر فدر، والفدر اي الأحمق.
وهؤلاء أنت لا تستطيع التحكم في سلوكهم، ولا تريد في المقابل أن يستثيرك هذا السلوك ايضا، كمثل ان يؤذيك شخص متناقض غريب الأطوار لا تعرفه، أو قريب متغطرس ينزعج من حضورك الكثيف ويستشيط فقط ليسحب البساط من تحت قدميك، أو زميل متملق احمق، أو صديق وقح مستفز ناقص، فهنا كل ما عليك فعله كي لا تستثار هو ان تبحث عن طرائق لتعزيز قيمتك الذاتية وتقديرها، كي لا تؤثر فيك تصرفاتهم، وكي لا يتمكن أي شخص وقح احمق في هذا العالم من إخراجك عن طورك.
كما ان هؤلاء غالبا ما تجدهم يتواءمون مع من هم على شاكلتهم، اي كما يقول المثل أن «لكل ساقط لاقط»، هذا ما يجعلك توقن بأن الوقاحة والحماقة جزء من الطبيعة البشرية، نشكو منها منذ فجر التاريخ.
وذلك فقط من اجل البروز او الظهور لاثبات وجود لا اكثر، وان كان ذلك البروز او الظهور للأسف مبنيا على حساب مشاعر الغير او على حساب وجودهم، لذلك كثيرا ما تجد نفسك فجأة وكأنك تخوض معركة كبيرة ومعقدة، معركة تغيب عنها الأخلاق والمبادئ والقيم والتقدير، سلاحها الانانية والدناءة وما إلى ذلك من أساليب، ذلك فقط لتحسين صور وجوه فاشلة أو عكرة، أو التغطية عن عجز أو صرف الانتباه أو تجميل قبيح أو العكس.. إلخ.
فعندما يضايقك أحدهم ببجاحته، فربما تكون غريزتك الأولى هي الرد، لكن تذكر، أنك يمكنك دائما ولا أحد سواك أن تسيطر على نفسك، اختر ألا تستسلم لمشاعرك، بغض النظر عن طريقة تصرف الشخص الآخر، فأنت من تتحكم في سلوكك، مثلما يجب عليهم هم أن يتحكموا في سلوكهم أيضا، واحتفظ بهدوئك، وامنح نفسك المساحة الكافية لتهدأ إذا أغضبك أحدهم.
وتذكر أنك لا يجب أن تهبط إلى مستواهم المستهلك الرخيص، وأن فعل هذا سيجعل الأمور أسوأ وحسب، فحافظ أنت على كرامتك وحاول أن تسمو فوق النزاع والمنافسة، فمعظم هؤلاء يريدون أن يتحدون الغير بسبب وبدون سبب، كي يشعرون بأنهم محبوبون، لافتين للانظار، ووجودهم مرغوب فيه.
كما تذكر ايضا بأنه لا يوجد ما تفعله لتجبر أحدهم على أن يحسن تصرفاته وسلوكه امامك، لذلك من الأفضل أن ترحل وتبتعد، فقد يكون هذا الشخص غير قادر على معاملتك ومعاملة الآخرين بأدب وتأدب بسبب ما يعانيه من الداخل، لذلك قد تجده ينزعج حتى وان كان في وسط اشخاص يحبون بصدق، ويلاقون كل الآخرين بقلوب بيض ناصعة وبابتسامات عريضة وبصفاء شديد، يضحكون كثيرا، يعبسون أقل، ويزرعون أينما حلوا كثيرا من الفرح، ما يعجز هو عن القيام به.
وتـــأكد ان من خلال الابتعاد عن اولئك الأشخاص، فإنك ستــسلبهم من حولهم ولا تتيح لهم سوى عدد أصغر لينتقدوهم وقد يهمشونهم بشكل اكبر، بخلاف انه ستتضح سمات شخصيتهم المظلمة اكثر، فإبقاء تلك الاشكال على مسافة بعيدة، فلربما تكون بمنزلة صيحة يقظة بالنسبة لهم.