بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
التخبط السياسي والقضائي مازالا في صدارة المشهد اللبناني، بفروعه المالية والاقتصادية والمعيشية، والانفراج العام الذي ترتب على الإفراج عن الناطق باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وليم نون، يمكن انحساره اليوم الاثنين، مع دعوته وعشرة من رفاقه إلى التحقيق مجددا، حيث احتمال إعادة توقيفه أو توقيف أحد رفاقه ممكن، في ظل التحكم السياسي ببعض المسارات القضائية.
وتداولت مواقع اخبارية ان أهالي ضحايا المرفأ دعوا إلى تحرك تضامني عند العاشرة من قبل ظهر اليوم لمواكبة التحقيق في ثكنة بربر خازن في فردان.
وقد ربطت مصادر سياسية واسعة الاطلاع الأحداث القضائية التي شغلت لبنان، خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، بمعركة رئاسة الجمهورية، ورصدت محاولات لتوريط الجيش في مواجهات في الشارع، مستشهدة بحادثة الاعتداء على الكاهن جورج صوما من قبل أحد العسكريين، خلال مشاركته في وقفة احتجاجية على توقيف نون.
وتشير جهات مراقبة إلى أن هناك غايات غير بريئة تقف خلف توقيف نون، وهي لا تستبعد أن تشهد الساحة الداخلية أفعالا مشابهة في فترة الشغور الرئاسي.
وتقول قناة «إم تي في» إن ما تحقق بالإفراج عن نون «انتصار صغير» على طريق الألف ميل، لأن «المنظومة» المتحكمة ستواصل عرقلة التحقيق بانفجار المرفأ، و«سيكتشف في الأيام المقبلة أمر العمليات الذي أصدره وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وفيه نبه الحلفاء والمسؤولين من الضغط الدولي الآتي من بوابة القضاء الأوروبي، ناصحا باستنساخ التجربة الإيرانية في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، كما نبه خصوصا، من الوفد القضائي الفرنسي الآتي إلى لبنان لمعرفة أين اصبح التحقيق بانفجار المرفأ، لذلك من الطبيعي أن تتوتر المنظومة وأن تفعل المستحيل لإرباك ما تبقى من النظام العام في لبنان».
لكن المصادر المتابعة أضافت لـ «الأنباء» المزيد من موجبات زيارة عبداللهيان، وهي إلى جانب الأمور التي تعتبر داخلية بالنسبة اليه تطمين الحلفاء، ودعوتهم إلى عدم القلق حيال التحركات الإقليمية الناشطة، بمعزل عن طهران.
أما على صعيد القوى السياسية الكامنة وراء استدراج الفوضى غير الخلاقة، فغايتها واضحة، وهي منع وصول التحقيق إلى رقاب السياسيين، أكان في موضوع المرفأ أو في ملف المال العام، فضلا عن الضغط قضائيا من اجل فرض إقرار قاض رديف للمحقق العدلي بتفجير المرفأ طارق البيطار، للإفراج عن الموظفين المحسوبين على العهد السابق، وبعدئذ يطوى الملف.
لكن رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود استدرك الخطة، وربط ملف المرفأ بتحريك عجلة التحقيق، عبر المحقق العدلي طارق البيطار بالذات، مع احترام القضاء وتركه يعمل بعيدا عن الضغوط.
المرشح الرئاسي ميشال معوض قال إن «البعض ليسوا قضاة لبنان بل قضاة من لبنان».
ويقول النائب مروان حمادة في هذا السياق إن ما يحصل في ملف تفجير المرفأ يظهر مدى تسلل المرض الطائفي والمناطقي إلى القضاء، حيث أكثر الناس براءة دفعوا أغلى فاتورة في هذا الملف.
وفي السياسة أسبوع حافل، يتخلله تحديد موعد لجلسة مجلس الوزراء في الساعات المقبلة، على أمل الإفراج عن الاعتمادات المالية لبواخر «الفيول» التي تنتظر قبالة الشواطئ اللبنانية صدور الإشارة بالتفريغ، فيما دعي المجلس المركزي لمصرف لبنان إلى عقد اجتماع استثنائي اليوم تحت عنوان البحث في تفلت الدولار الأميركي، الذي شق طريقه إلى سعر الخمسين ألف ليرة للدولار الواحد.
والصورة أكثر تشوشا، بمقياس ما تضمنته المقدمة السياسية لصحيفة «لوموند» الفرنسية الصادرة قبل ايام، وفيها تقول إن لبنان «لم يعد وطنا ودولة.. لقد أصبح محكوما من عصابة، من قادة الميليشيات، وبعض منفذي الأعمال المافياوية، لقد أصبح لبنان كيانا وحشيا غير قابل لأن يحكم وكأننا أمام عقاب جماعي لشعب أدهش العالم».
على الصعيد الحكومي، تقول مصادر الرئيس نجيب ميقاتي لموقع «لبنان 24» إن الوقت لم يعد يسمح لاستمرار المناكفات والتصدي لانعقاد الحكومة عندما تدعو الحاجة، فليس مقصودا التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية، إنما المحافظة على ديمومة عمل المؤسسات، مشيرة إلى أن هناك مراسيم أساسية يفترض أن تصدر عن مجلس الوزراء، وأبرزها ما يتصل بالصحة العامة والرواتب والكهرباء.
ويفترض أن يدعو الرئيس ميقاتي، اليوم أو غدا، إلى جلسة لمجلس الوزراء نهاية الأسبوع، في حال توصل حزب الله إلى تفاهم بهذا الشأن مع التيار الحر، أما عن جلسة الانتخاب الرئاسية الحادية عشرة والمقررة يوم الخميس «ففالج لا تعالج».