بيروت ـ اتحاد درويش
أوضح رئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهر أن حضور الوفد القضائي الأوروبي إلى لبنان للتحقيق بملفات مالية وملفات فساد، يستند في مهمته إلى ما تنص عليه الاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد التي وقع عليها لبنان في العام 2008، وانتجت قانونا خاصا في لبنان هو القانون 33/2008 الذي يلزم السلطات القضائية اللبنانية التعاون مع أي سلطة قضائية موقعة على هذه الاتفاقية، ومهمة الوفد التحقيق في جرائم مالية لبنانية ارتكبت على الأراضي الأوروبية.
ولفت إلى الأجواء التي سادت البلاد من أن هناك مس بسيادة القضاء اللبناني وبالسيادة الوطنية وهذا تضليل للرأي العام.
وأشار ضاهر في تصريح لـ «الأنباء» إلى أن الموضوع أساسه التعاون القضائي، وسويسرا هي التي كشفت المستور عن عمليات مشبوهة تتعلق بتحويلات من حسابات انطلقت من لبنان إلى حساب رجا سلامة شقيق حاكم البنك المركزي رياض سلامة، تتصل بشراء عقارات واستثمارات واثراء غير مشروع واختلاس وتهرب ضريبي، ودارت شكوك حول ما اذا كانت ناتجة عن أعمال فساد أو صرف نفوذ، وحصل تقصي لأثر الأموال، وتحركت النيابات العامة في المانيا وفرنسا ولوكسبمورغ وكل بلد بدأ يحقق ويتقصى أثر هذه التحويلات والجرم الأساس المتأتي من لبنان، وعملت هذه الدول ضمن مجموعة للتنسيق فيما بينها لأنه تبين أن هناك عدة اشخاص مرتبطين بهذه العمليات، والقضاء الأجنبي لا يمكن ان يثبت جرم تبييض الأموال الا إذا تمكن من أن يثبت أن الأموال التي استعملت متأتية من أعمال غير مشروعة انطلقت من لبنان، لذلك طلبوا من القضاء اللبناني اعطاء الادلة عن هذه الأعمال غير المشروعة لأخذ التدابير اللازمة بالنسبة لتبييض الأموال وهم يحققوا بالأمر لا اكثر ولا أقل.
وأشار ضاهر إلى أن التأكد من الأموال غير المشروعة لن تطال فقط حاكم البنك المركزي وشقيقه بل كل شخص استفاد من هذه العمليات غير المشروعة التي أرسلت إلى أوروبا وجرى الاستثمار فيها أي أخفي أثرها، وعلينا ان نترقب إلى أين ستتجه الأمور وما اذا كان سيتابع الموضوع وسيجرى اتخاذ القرارات واتهام أشخاص وملاحقتهم بجرم تحويل الأموال إلى الخارج، ما يعني انه قد يثبت بطريقة غير مباشرة ان الأعمال التي قام بها الأشخاص في لبنان كانت غير مشروعة.
ووفق ما تقدم، لفت إلى أن القضاء اللبناني مجبر على ملاحقة هؤلاء الأشخاص، أي البدء بعملية الأيادي البيضاء ضد المافيا، كما البدء بالتحقيق مع افراد من المنظومة السياسية والمالية لأنها مرتبطة مع بعضها، لتبدأ بعد ذلك سقوط أحجار الدومينو.
واعتبر أنه لا يجب الاعتماد على الخارج بأنه سيغير واقع الأمور فهو يعمل وفق مصلحته، ويحاول البحث عما اذا كانت هناك فعلا مخالفات، وعلى هذا الأساس يسير في طريقه ويحجز على الأموال عنده ويؤممها، من هنا فإن على الدولة اللبنانية المطالبة بها لأنها أموال اللبنانيين.
وعن تجاوب السلطات القضائية اللبنانية مع الوفد القضائي الأوروبي، رأى ضاهر أنه علينا كقضاء وشعب ومجتمع مدني الضغط من أجل أن يقوم القضاء بعمله وملاحقة الأشخاص الذين قاموا بأفعال تمس الأمن الاقتصادي للبلد من خلال تبديد المال العام والعمل على ملاحقتهم في لبنان.
وفي الإطار، تحدث ضاهر عن مشروع قانون «الكابيتال كونترول» أو ما يعرف بضبط التحويلات والسحوبات، معتبرا أن هناك لعبا على الوقت، وكان من المفترض اقرار هكذا مشروع منذ بداية الأزمة في 2019، الحديث يتركز في اللجان النيابية عن اعادة أموال المودعين، وهذه شعارات جميلة ولا أشكك في نوايا الكتل النيابية انما وفق اي آلية؟ فهل وفق الآلية التي سيعتمدونها، أم تلك التي تقترحها الحكومة ومصرف لبنان؟ والتي تقول بأنه سيتم رد الودائع في حال تمكنا من تحقيق أرباح وحصلنا على أموال من مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وتضعهم في صندوق.
ولفت ضاهر إلى أن ودائع اللبنانيين في البنك المصرف المركزي والمصارف كانت 130 مليار دولار بداية الأزمة 2019 اليوم هي 93 مليارا، فكيف سيتم استرجاعها وهي غير موجودة؟ فما جرى هو حجز الأموال ووضع أسعار صرف متفاوتة وخسرت هذه المبالغ من قيمتها الفعلية إلى جانب تخويف الناس بالشيكات المصرفية بالدولار من أجل سحب أموالهم بنسب أقل.
واعتبر أنه لو جرى وضع قانون الكابيتال كونترول في بداية الأزمة ووفقا للقوانين التي تطبق لكان جرى حجز اموال أشخاص من الطبقة السياسية والقطاع المصرفي ودفعوا الثمن، وما حصل هو تهريب للأموال وإخفاء اثرها حتى لا تظهر أرصدتهم، وبالتالي استفادوا من المرحلة التي مرت ولم يوضع قانون الكابيتال كونترول وجرى التعاطي مع المودعين باستنسابية مطلقة.
وأشار إلى أن «الطبقة الحاكمة لم تعمل خلال سنوات الأزمة على حلول جذرية، بل كانت المعالجات على حساب المواطن فارتفعت معدلات الفقر وهجرة الشباب.
من هنا أرى أنه لا ثقة بهذه الطبقة التي تدير البلد منذ ثلاثين عاما لم يحصل فيها اصلاح حقيقي، بل كانت اصلاحات شكلية ومحاصصات وقوانين نفعية استفاد منها ومعها المحيط الخاص بها بطرق احتيالية ليتمكنوا من البقاء والتحكم بالقرار».