الأسرة أهم وأخطر بيئة في صياغة الإنسان وصناعة تكوينه النفسي والسلوكي والديني، وهي عماد المجتمع، وبفسادها يدب في المجتمع السقم والانحلال. والأسرة هي فطرة طبيعية بالوجود البشري، وللأم دور محوري أساس فيها لا يقتصر على توفير الطعام والشراب وإنجاب الأطفال فقط، فوظيفتها ممتدة إلى التربية وبث الخلق والالتزام والتوجيه الأخلاقي وإبعاد الأطفال عن «الانحراف» بكل أشكاله وأنواعه، لذلك فإن الخدم وغيرهم ليسوا بديلا عنها ولن يكونوا، ومن الخطأ وضعهم موضع البديل عن الأم هربا من المسؤولية التي قد تمارسها «بعض» النساء بحجة الانشغال مع العمل أو الدراسة أو غيرها من الأمور الثانوية بالنسبة للأم.
هناك نظام للقيم نعيشه خاص بنا في مناطقنا العربية، وقد تأسس على الدين والعروبة وأصالة التاريخ إذا صح التعبير، وهو نظام يصنع لنا شخصيتنا ووجودنا الفردي والمجتمعي، وهو الحماية الذاتية لنا من أي «غريب» يريد ان يفرض علينا كل ما هو «شاذ» و«منحرف» في السلوك والعلاقات والأخلاق الفطرية الطبيعية، لذلك يتعاظم دور الأسرة حاليا وبشكل أقوى وبخاصة في ظل موجة عالمية تريد فرض نظام للقيم «شاذ وغريب الأطوار» يختلف عن كل ما هو طبيعي وأخلاقي ليس لدينا فقط نحن العرب والمسلمين بل حتى لدى القوميات الشرقية المختلفة الأخرى، حيث هناك ترويج ونشر غير مسبوق في كل تاريخ البشرية لموضوع «الانحرافات السلوكية والشذوذ الأخلاقي» وهذا نشاهده في الإعلام الترفيهي المرسل إلينا بواسطة شبكات التسلية من أفلام ومسلسلات تحمل رسائل مبطنة لترويج كل ما هو باطل ومنحرف عن كل ما هو مقبول بالعلاقات الإنسان، حيث هناك «برمجة» «ذهنية» وغسيل دماغ، ومحاولة فرض وإجبار لقبول تلك الأمور.
وهذا ما استدعى مواجهته في أكثر من موقع في العالم ولدينا مثال على ذلك في جمهورية روسيا الاتحادية، حيث تمت المصادقة على قانون بالبرلمان هناك «مجلس الدوما» لعقاب كل «أجنبي» يروج لدعايات مخالفة لقيم المجتمع الروسي بين البالغين، وهو محدد خصيصا بما بتعلق بالترويج للعلاقات المنحرفة عن الطبيعة البشرية وأي محاولات لإلغاء دور الأسرة ونشر الشذوذ الجنسي والأخلاقي، وهذا القانون هو أحد أساليب مقاومة الدولة الروسية ومعاقبة كل من يخالف النظام العام والقيم المحافظة للمجتمع.
لدينا في الكويت أيضا مواجهات «جيدة» فيما يتعلق بمنع وزارة التجارة أي مواد ترويجية مخالفة لكن نتمنى ان يتحرك البرلمان والإخوة في جمعية المحامين وغيرها من جمعيات النفع العام لسد أي فراغ تشريعي قانوني تحتاجه السلطة التنفيذية، وأيضا لدينا جانب مفقود يحتاج الى رقابة ومتابعة فيما يتعلق بوزارة الإعلام ومنعها تطبيقات إنترنت ترفيهية تخالف نظام قيمنا الشرقي العربي الإسلامي وتبث أفلاما ومسلسلات موجهة ضمن هذه الموجة العالمية، وهي «برمجة» وتوجيه متعمد، كما أصبح ذلك واضحا للجميع.