قرأت قبل فترة تغريدة لأخينا فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، يقول فيها: أنجزت الكويت في عموم اليمن وخلال عام مضى أكثر من 200 مشروع حيوي ما بين مدارس ومستشفيات ومبان سكنية وحفر آبار، الغريب أن كل هذا العطاء الضخم لم ترافقه كاميرا الصحافة ولم تبثه التلفزة ولا يعلم به العالم الخارجي، تعمر الكويت اليمن بصمت وتمضي بصمت فلها من اليمن وأهلها كل شكر وتقدير.
استوقفتني هذه التغريدة، فالثناء جميل، والأجمل هو الإخلاص في العمل، وصدق النية لله عز وجل، والبعد عن الرياء وإرضاء البشر، فإن جاء الشكر حمدنا ربنا وسألناه الثبات على عمل الخير في كل زمن، وإن الأخرى فسلمنا للقضاء والقدر، فشكرا لأخينا فتحي وهو كأنه يشير إلى أمر جلل، وهو الحرص على الإخلاص بالعمل، فقط من أجل إرضاء رب البشر.
في البداية، أفتخر بكل عمل خيري يصدر من بلدي لجميع دول العالم، من دون منة ولا أذى أو تفضل، بل أسأل الله الثبات بأن يسر الله لبلدي عمل الخيرات، فالكثير محرومون منه، بل العمل الخيري، هو المنارة المشرقة، والدرع الواقية، والوهج الذي بإذن الله لا ينطفئ وعليه سائرون، فيه تشيع المحبة، وتجتمع الشعوب، كيف لا وهو أمر رباني، وإرشاد نبوي، وخاصة عند أمة الإسلام، قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (رواه مسلم).
عمل الخير ليس متوقفا على من ملك المال، ولكنه خلق ينغرس في الإنسان، في المقابل من الممكن أن يقابل الإحسان بالجحود والنكران، فمن يحسن وهدفه مرضاة الرحمن، لا يتأثر إن قوبل إحسانه بالنكران، بل يحتسب ذلك عند الله فلا ينتظر الشكر والامتنان. أما في حال تعلق القلب وانتظاره الشكر من البشر، فقد يكون ذلك مجلبة للكدر، والإحباط وفي بعض الأحيان التثبيط على الاستمرار بالعمل، الإحسان أشمل وأعم وأعمق من فقط مفهوم العطاء المالي، بل يتعدى ذلك بكثير، فالإنسان يحسن بطلاقة وجهه، وحسن خلقه، وإخلاص بعمله، وحسن معشره، ولين جانبه، وصدق نصحه، وحب الخير لغيره.
في الختام، أنبه إلى أنه لا مانع من توثيق العمل الخيري، وإظهار معاناة المحتاج بقدر الحاجة من باب تحفيز الناس على المساعدة والمشاركة في الأجر، وأنصح إخواني العاملين في هذا المجال، الحذر كل الحذر من استخدام هذا الأمر لتحقيق الشهرة، على حساب معاناة الناس، فليكن العمل لله، ولا يشوبه أي أمر يعكره، فالبعد كل البعد عن حظ النفس، والرياء، وطلب الثناء، والحرص كل الحرص على الإخلاص. أسأل الله أن يرزقنا صالح العمل ظاهرا وباطنا، وأن يستعملنا في طاعته، ويوفقنا لعمل الخيرات، فهو ولي ذلك والقادر عليه.