بيروت ـ عمر حبنجر
فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية خلال جلسته الحادية عشرة، لكنه نجح في انتخاب «الاعتصام»، الذي أعلنه النواب التغييريون والسياديون في القاعة العامة، ريثما تقتنع القوى الممانعة بأنه لا مندوحة من انتخاب رئيس.
النائبان التغييريان، نجاة صليبا وملحم خلف، اللذان دشنا خطة الاعتصام، أمضيا الليل في عتمة المجلس، وعلى ضوء الهاتف الخليوي، احتجاجا على تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وامتناع رئيس المجلس نبيه بري عن الدعوة الى جلسات انتخابية مفتوحة، وأيقظا اللبنانيين، صباح أمس الجمعة على ايقاع شريط ڤيديو من داخل المجلس، يعلنان فيه استمرار الاعتصام، وقالت صليبا بالصوت:«يوم جديد وأمل جديد».
وأضاف خلف: «يوم سعيد لكل لبنان، وعلى أمل ان توصلنا هذه الخطوة بجديتها، الى وطن يحلو فيه العيش».
واعتبارا من بعد ظهر امس، انضم إلى النائبين المعتصمين خلف وصليبا نواب من مختلف الاتجاهات السيادية وهم: عبدالرحمن البزري، إلياس حنكش، حليمة القعقور، ابراهيم منيمنة، أسامة سعد، فراس حمدان، شربل مسعد ونبيل بدر.
كما توجه المناصرون الى المجلس تضامنا، في حين أقفلت الحواجز الطرق في وجه الجمهور للتعبير عن التضامن مع المعتصمين.
بدورها، نشرت النائب بولا يعقوبيان، عبر حسابها على «تويتر»، مقطع ڤيديو من داخل القاعة العامة لمجلس النواب، لمواكبة الاعتصام المفتوح.
وقالت يعقوبيان في الڤيديو: «نحن الآن في اعتصام مفتوح وسنبقى داخل القاعة حتى عقد جلسات متتالية لانتخاب رئس للجمهورية».
وأضافت: «ممنوع على الإعلام الدخول إلى محيط مجلس النواب أو إلى القاعة العامة، وآخر نقطة يمكنه الوصول إليه هي أمام بلدية بيروت».
وتابعت: «إدارة مجلس النواب تنتهج التعتيم الإعلامي على خطوة النواب المعتصمين الذي قضوا ليلتهم في مجلس النواب».
وتقول مصادر ان رئيس المجلس نبيه بري لن يعود تحت الضغط. وقد أقفلت ابواب المجلس بنهاية الدوام الرسمي الخميس، لكن نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب عالج الأمر بأن أبقى أحد الأبواب الخلفية للمجلس مفتوحة، بحيث أمكن توفير الطعام ومستلزمات النوم، لصليبا وخلف، فضلا عن وسائل الاتصال.
وتأكيدا لموقفه الرافض للضغوط، حدد بري يوم الخميس المقبل موعدا لاجتماع اللجان النيابية بدلا من الجلسة الانتخابية الثانية عشرة.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي هدد عبر النائب هادي ابو الحسن بمقاطعة جلسات الانتخاب الرئاسية الواهية، فتح بموقفه هذا، نافذة ضوء باتجاه تسوية رئاسية، تكون نقطة وسطية بين الحوار الرئاسي الذي يطالب به الرئيس نبيه بري مقدمة لانتخاب الرئيس الذي يتفق عليه بين الأطراف، وبين الانتخاب المباشر المشروط برفض مرشح الممانعة، او بالتحديد حزب الله، ومن أجل هذا كان لقاؤه مع المعاون السياسي للسيد نصرالله حسين خليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا، والذي استمر نحو ساعة، حيث نقلت صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله، ان اللقاء كان ايجابيا، تمت فيه مناقشة الاستحقاق الرئاسي، واعتبر جنبلاط أن الاسراع في انتخاب رئيس يمكن ان يسهم في معالجة الوضع الاقتصادي المتدهور، مؤكدا اقتناعه بأن الامور لن تحل إلا بتسوية، وان هناك قرارا اميركيا مركزيا أكبر من قدرة السفارة الأميركية في بيروت، على التدخل لحل ملف من هنا او هناك.
وفي معلومات «الأنباء» ان النقاش تناول ايضا أحد الأسماء المرشحة للرئاسة، والتي فتحت خط اتصال مباشر مع حزب الله!.
من جهتها، وتوضيحا لكلام رئيسها حول اعادة النظر بالتركيبة اللبنانية، أوضح التقرير السياسي اليومي للقوات اللبنانية ان د. سمير جعجع، لم يتخذ موقفه الداعي الى اعادة النظر بالتركيبة اللبنانية من عدمها، بل انطلاقا من اسباب موجبة، اولها الانهيار المالي المتواصل ولا حلول للخروج منها في ظل قبضة الممانعة. وثانيها مواصلة هذا الفريق التعطيل المفتوح وعدم الالتزام بالمهل الدستورية ورفض عقد جلسات انتخاب مفتوحة، وثالثها تجاهل هذا الفريق الوضع المعيشي واوجاع اللبنانيين، والاستمرار في التعطيل الى ان يتم الرضوخ لانتخاب مرشحه. ورابعها تغييب الدولة والسطوة عليها، وخاصة انه على الرغم من محاولاتنا المستمرة منذ العام 2005، لإعادة الاعتبار للدولة مازالت الممارسة نفسها، وسادسها ان المستهدف بالنسبة للقوات اللبنانية هو الدولة ومؤسساتها وكل مؤمن بها من المسيحيين والمسلمين.
وضمن هذه المعطيات، جاءت تغريدة نائب رئيس القوات اللبنانية جورج عدوان أمس، تعليقا على قرار الأمم المتحدة، بتعليق حق لبنان بالتصويت في الامم المتحدة مثله مثل جنوب السودان وڤنزويلا لعدم تسديد اشتراكه في المنظمة الدولية.
وقال عدوان: «لبنان يفقد حقه في التصويت في الأمم المتحدة لعدم دفع مبلغ 1835303 دولارات أميركية بعدما هدرت حكومته نحو 22 مليار دولار منذ 17 اكتوبر 2019 على الدعم والتهريب والفساد: «إنها فعلا منظومة المحافظة على علاقات لبنان الدولية والعربية ويجب أن تستمر في الحكم».
وزارة الخارجية والمغتربين أصدرت بيانا امس، أوضحت فيه انه تم إنجاز لتسديد الاشتراك في المنظمة الدولية.
جريدة البناء الناطقة باسم الحزب السوري القومي القريب من دمشق لاحظت في صدارة صفحتها الاولى امس، ملامح ما وصفته بالخطة ب لدى نواب «جمعيات المجتمع المدني» بدأت باعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة صليبا، تحت شعار البقاء في قاعة المجلس حتى انتخاب رئيس جديد، وتحركات في الشارع للضغط دفعا للفوضى وفتحا للطريق الى انتخاب رئيس على ايقاع الانقلاب الامني.
ويبدو ان مثل هذا الكلام بات مسموعا في لبنان وعلى نطاق واسع في ظل تهاوي المؤسسات في بلد يكاد ان يصبح القاتل فيه بريئا والضحية متهما، والسارق يكرم والمودع ما له في المصرف يجرم، ودولاره من 1500 ليرة عام 2016، الى ما فوق 50 ألفا مع نهاية عهد الرئيس ميشال عون ووريثه السياسي جبران باسيل، وهذا الصعود الدولاري المدمر لليرة اللبنانية، أيقظ المخططات السوداء، وغيب الفواصل عن بلوغ الفوضى الشاملة والسقوط الى القعر.
مصادر نيابية معارضة، لم تستبعد، لإذاعة لبنان الحر، اتخاذ بعض الضغوط الشارعية طابعا أمنيا خلال الاسابيع المقبلة تسريعا لانتخاب الرئيس، علما ان الجيش والقوى الأمنية في هذه الأجواء.