برواية عن المرحوم محمد صقر المعوشرجي مدير البلدية الأسبق عندما كان وكيلا لشؤون الصحة في بلدية الكويت، حدثت أزمة في أسعار المواشي خلال فترة حكم الشيخ صباح السالم الصباح، رحمه الله، وتولي المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، وكانت الأزمة بسبب شح الأمطار وصعوبة وصولها إلى الكويت كالمعتاد من العراق والشام، فتقدم النائب في مجلس الأمة آنذاك المرحوم يعقوب الحميضي بفكرة استقدام المواشي من استراليا بحيث يكلف الرأس الواحد (1 دولار) بينما تكلفة شحن الواحد منها 11 دولارا، فتقدم سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمة الله عليه، مع المرحوم الحميضي بتشكيل شركة للمواشي وقام سموه بإهداء الشركة ناقلتين بحريتين كمشاركة من الحكومة في إنشاء الشركة ولتوفير مبلغ الشحن من الناقلات التابعة لشركة الناقلات البحرية، وأمر بتجهيزها «بزرايب منظمة للمواشي».
بالمقابل حدثت أيضا في بداية الستينيات من القرن الماضي أزمة طحين في العالم أدت إلى حدوث إضراب من قبل المخابز الإيرانية في الكويت ورفض الحكومة قيامهم برفع قيمة أسعار الخبز، فقامت الحكومة على الفور بإنشاء شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية التي لا زلنا نحصد ثمار إنشائها وخصوصا خلال فترة الغزو العراقي عام 1990 التي يذكرها على وجه الخصوص الصامدون آنذاك بتوفيرها اليومي لكل المواطنين حصتهم من الإنتاج، ولا تزل قيمة الخبزة في الكويت الأرخص في العالم.
أستذكر هاتين الحادثتين لأعرض كيفية رؤية الحكومة وسرعة بديهتها وجرأة وسرعة اتخاذ القرار من قبل رجالات الدولة آنذاك والتي مازلنا نجني ثمار قراراتهم، في تدارك الأزمات وتحويلها إلى حلول مع كامل الاحترام لعامل الوقت، حيث إن الأزمة التي نعاني منها في البلد ومنذ التحرير تكمن في البطء والتردد والخوف والتأخر في اتخاذ القرار، وأيضا وأنا أقرأ إعلانا في الصحف لمجموعة من تجار الأدوية يطلبون إلغاء قرار وزير الصحة تخفيض هامش ربح شركات الأدوية المستوردة، وبديهيا تذكرت قصة إنشاء شركة المواشي وشركة المطاحن، وتوقعت أن يكون رد الحكومة على أزمة شح الأدوية إنشاء مصانع وشركات لإنتاج أدوية محلية بالتعاون مع شركات عالمية لتخفيض كلفة الشحن والنقل والتخزين على الموردين وتخفيض سعر الشراء أيضا على المواطنين، وتحقيق الأمن الدوائي والصحي للبلد.
[email protected]