وقعت غزوة بدر في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة والموافق 13 مارس عام 624 م، وكانت بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي وقد انتهت بانتصار المسلمين على قبيلة قريش.
ووقعت هذه الغزوة في أرض بدر التي كانت محطة مرور القوافل المتجهة للشام والعائدة إلى مكة المكرمة وكانت تمثل سوقا من الأسواق المشهورة لدى العرب بسبب موقعها الجغرافي بين مكة والمدينة.
والتقى الجيشان في ملحمة كبيرة وأمد الله سبحانه وتعالى المسلمين بالملائكة يوم المعركة فقد قال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم - سورة الأنفال: 9-10). وبعد تلك المواجهة قتل من المشركين سبعون رجلا وكان من بين القتلى زعماء قريش كأبي جهل وتركوا وراءهم غنائم كثيرة في أرض المعركة ودفن الرسول صلى الله عليه وسلم شهداء المسلمين الذين بلغوا أربعة عشر.
وبعد هذه الغزوة أصبحت شوكة المسلمين قوية ترهبهم قبائل الجزيرة العربية وتعززت مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وارتفع نجم الإسلام فيها ولم يعد المشركون في المدينة يتجرأون على إظهار كفرهم وعداوتهم للإسلام، ولذا ظهر النفاق والمكر والخداع فأعلنوا إسلامهم ظاهرا أمام النبي وأصحابه.
وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم، ودخل عدد كبير من مشركي قريش في الإسلام، مما ساعد على رفع معنويات المسلمين الذين كانوا لايزالون في مكة فاطمأنت قلوبهم إلى أن يوم الفرج قريب وازدادوا إيمانا على إيمانهم وثباتا على عقيدتهم. وكسب المسلمون مهارة عسكرية وأساليب جديدة في الحرب وشهرة واسعة داخل الجزيرة العربية وخارجها وكانت خسارة قريش فادحة، بالإضافة إلى مقتل أبي جهل بن هشام وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وغيرهم من زعماء الكفر. وكانت غزوة بدر معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان، وقال تعالى: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان - سورة الأنفال: 41)، ففرق بها الله سبحانه بين الحق والباطل وأعلى كلمة الإيمان على كلمة الباطل وأظهر دينه ونصر نبيه.
إن الدروس المستفادة من غزوة بدر هي أن الله يعلي دائما كلمة الحق ويرد الحق الى أصحابه مهما طال الوقت، وينصر أصحاب الحق على الباطل ويعلي شأنهم، ولذلك يجب على الجميع التمسك بالدين الإسلامي وتعاليمه وعدم الاستيلاء على حقوق الآخرين دون وجه حق أو مبرر منطقي، فالحق سيعود الى أصحابه مهما طال الزمن، وينصر الله من يستعين به على كل ظالم وعلى من يستولي على حقوق الآخرين من دون أي حق.