إن أعظم المنجزات في تاريخ الإنسانية نجاحا، وأكثرها تأثيرا بدأت كحلم جميل لفكرة دارت بخلد صاحبها، فسعى لها سعيها، حتى نضجت وطاب قطافها، وهكذا يسير المرء مع أحلامه أمينا عليها، يعطيها من قوته ما يهبها الاستمرار والدافعية، والعمل الخيري كان ولا يزال مليئا بمثل هذه الأماني والأحلام المبهجة، التي كانت يوما في مظان المستحيل، ثم كتب الله لها أن تصبح راسخة رسوخ الجبال.
وجمعية النجاة الخيرية وهي السباقة في مضمار العمل الإنساني، ترعى دائما قيما معينة وراء مشاريعها، تربط فيها بين خدمة الناس، والبعد المقاصدي المبني على التكافل الإنساني، فالسعي في مصلحة البشر مطلب أخلاقي، وواجب معايشي تؤديه صيانة لتلك اللحمة، والناظر في نوعية المشاريع التي تنفذها يرى مقدار حرصها على أن تخرج بكيفية مغايرة وغيرها من الكيانات الأخرى، ويوما بعد يوم تؤسس هذه المشاريع لركائز أكثر عمقا في معركة الصراع لأجل البقاء، ولعل ما حققه مشروعها الطموح «تخيل» في نسخه المتتالية، ما يقوي هذا اليقين، نبتت الفكرة إثر ظروف صعبة لواقع تعيشه الملايين حول العالم، عاندتهم الطبيعة القاسية فحرمتهم من أبسط حقوق الحياة، الحق في الحصول على مصدر نظيف ودائم للمياه، الأمر الذي استفز قريحة «ماكينة» العمل الخيري في النجاة، لأن تبحث عن حلول ناجحة، انطلاقاً من شعارها «التنمية المستدامة» الذي أعلته في كل محفل، ليوقع مشروع «تخيل» بالأحرف الأولى على وثيقة إغاثة للمحرومين في كثير من الدول الفقيرة، فنشط معطيا إشارة البدء، لتنفيذ مجموعة من الجولات المشكلة طوق نجاة للملايين، وظهيرا قويا للحكومات التي تستهدف برامج طموحة في مجال المياه، فوفرت لهم الآبار على اختلافها ما سد النقص الحاد في مياه الشرب، بل وتجاوز لينشئ كيانات تنموية ومجتمعات عمرانية مؤهلة للأهالي، استطاعت بمرور الوقت أن تقدم خدماتها المجتمعية والاقتصادية، والحق يقال إن ما حققه «تخيل» في أربع نسخ ما يقطع الشك باليقين، في إعطاء دلالة على عظم منتجات النجاة الخالصة، والتي تكفلت بنصيب وافر في القضاء على عطش الملايين، والأخذ بيدهم لحياة كريمة، وفي كل قطرة ماء تروي ظمأ جوف، يؤكد «تخيل» أهمية البحث عن البدائل التي تزيل عن كاهل الناس البؤس الخانق، وتزحزح عنهم الخوف المطبق من مصير محتوم.
كان قدر النجاة تبني مثل هذه المنصات الخيرية، لأنها تعي جيدا حجم التحديات على الأرض، وترصد لها ما يضاهيها من الجهد والموارد، وتعلم يقينا أثر السعي لتحقيقها، كنقلة تضاف إلى رصيد العمل الخيري الكويتي وتصدره إنسانيا.
إن الأمل معقود على «تخيل» وأمثاله من مخرجات النجاة، التي وضعت بصمتها في دنيا الإنسانية، بعد إذ كانت عرضة للضياع.