العمل الخيري كغيره من وجوه الأنشطة المجتمعية كي ينهض ويستمر، ويحدث تأثيره المقصود، لابد له من مواكبة الحال، والبقاء في وضعية تمكنه من أداء مهامه في مختلف الأجواء، وهذه الجاهزية وهذا التحفز ما اعتاد خبراء الإدارة تسميتها بإدارة الأزمة.
وإدارة الأزمة من الدروس الملهمة التي يجب على العمل الخيري أن يعي مفرداتها، وأن يكيف نفسه عليها، تبدأ هذه الكيفية بمراعاة التحرك على الأرض في التوقيت المناسب، حال استدعت الحاجة وألحت الضرورة، ويكون عادة وقت وقوع الكوارث، ونشوب النزاعات في بؤر المعاناة حول العالم، الأمر الذي يستلزم بالضرورة المسارعة بتجييش الإمكانيات، ورسم الخطط الإغاثية العاجلة، وهذا التخطيط نتاج للقراءة الدقيقة على الأرض، التي تقدر مدى الاحتياج، ومراعاة جمع ما يكفي من البيانات المستوعبة للأزمة محل العمل، فتفرض لها الفروض.
في هاته اللحظة لا يبقى من مانع إلى المبادرة بتنسيق الجهود مع بعض الشركاء محليا ودوليا، أصحاب الخبرات الكافية والرسوخ في تسيير مثل هذه الأعمال، ولعل التدقيق في اختيار الشريك المثالي، مدعاة لتوفير الجهد والوقت، وفتح قنوات فاعلة تحدد الغايات بوضوح، وتعبد لها الطريق الذي تسلكه، كي تتأتى على القدر المرجو منها، وبالتالي تستطيع أن تصل للمستوى المأمول منها إنسانيا.
وللعمل الخيري الكويتي سابقة أعمال لا يستهان بها في معترك الأزمات، والحق يدعونا لأن نثمن مواقف بعض الشركاء الداعمين، خاصة الجهات الرسمية بالدولة كوزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية، الذين كانوا بجانبه كتفا بكتف، وحرصهم على تهيئة مظلة رسمية آمنة للعمل.
ورغم ذلك يظل توخي المحافظة على سلامة الأرواح، خاصة الأطقم الخيرية الشاغل الأهم، وهذا بفضل الله متحقق بشكل كبير، فمعرفة طبيعة الدول، وحجم المخاطر، ببناء شبكة من العلاقات، تمكن كياناتنا الخيرية من تنفيذ المطلوب منها، لقد ظل العمل الخيري مضطلعا بأعباء مسؤوليته الإنسانية في أحلك الظروف، يرصد مساعداته للجميع على السواء بلا تفريق، يزرع الخير في كل أرض، محفوفا برعاية مجتمعية واسعة، واقفا على أرض صلبة من دعم المحسنين.
ولا أدل على مكاسب العمل الخيري الكويتي من أن يصبح سفيرا لبلادنا، بعدما أضحى حديث الساعة وشاع ذكره في وسائل الإعلام العالمية، التي تلاحقت إشادتها بدوره الإنساني ومشاركته الإيجابية في كل الأزمات التي حلت بالعالم، مسلطة الضوء على وعي قيادتنا الحكيمة التي تتابع عن كثب كل ما يجري، فتبادر ملبية نداء الواجب الإنساني، وتعطي إشارة البدء لنجدة المكروبين وأصحاب الحاجة.