ورد في هذا المثل كلمتين من لهجتنا الشعبية، الأولى تزهب وتعني تجهز وتعد، والفلعة تعني الجرح والشجة بالرأس صغيرا كان أو كبيرا بضربة حجر أو عصا أو ما شابه ذلك، وكما تلاحظون فالمثل فيه استهجان ونوع من التعجب الذي لا يخلو من السخرية، لكنه واقع في مجتمعنا، لأنه مثل من الأمثال الشعبية المستوحاة من تجارب الحياة، ومع ذلك فالمثل يخالف المنطق والعقل والواقع، وفيه دعوة صريحة إلى التؤدة والتروي وعدم العجلة، ولكن الإنسان مخلوق ضعيف جبل على العجلة والتسرع، فتجده يستبق الأحداث ويتصور ما لا يكون، ويضع حلولا لمشاكل وهمية لم تقع وإنما يخيل له عقله أنها ستقع، مصداقا لقول المولى عز وجل (وكان الإنسان عجولا - الإسراء).
وعندما تحضر الدواء وأنت في صحة جيدة لم تمرض بعد فهذا هو الخطأ بعينه والمنطق الأعوج والرأي الدبري، كما أنه حكم مسبق على شيء قبل حدوثه، وقبل ظهور نتائجه، فكيف تجهز الدواء قبل أن تصاب بالمرض؟
وكيف تحكم على الشيء قبل أن تعرف تفاصيله؟!
وللأسف فهذه الظاهرة باتت منتشرة عندنا وعند غيرنا وبشكل كبير، وربما تكون أصبحت ثقافة عند البعض، فتجد من يأخذ طرف الخبر أو الحديث ويعلق عليه دون فهمه للخبر كاملا، فأين العقل والتروي؟
وعلى الطرف الآخر يمكن لنا أن نقبل بهذا المثل ونستوعبه إن كان القصد منه أخذ الحيطة وتوخي الحذر لأمور قد تحدث، أوجسنا منها خيفة وربما ستقع عن قريب، وهذا ثابت في القرآن الكريم كقول الله تعالى (وخذوا حذركم) والحقيقة أنه لا حافظ إلا الله.
ودمتم سالمين.