الصحيح هو الموافق تماما لما يجب أن يكون، كما أنه الصدق بعينه، وليس كمثل الصدق شيء، فالحق يبقى هو المنتصر دائما وأبدا طال الزمان أو قصر، يقول المولى عز وجل (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) «سورة الرعد» ويقول أيضا: (وقل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقا) «سورة الإسراء»، وكان الناس عندنا في الماضي يرددون مثلا شعبيا يشابه قول لا يصح إلا الصحيح وهو «الصج يبقى والتصنف جهالة» ودائما ما يكون حبل الكذب قصيرا، وهذه سنة كونية قضاها المولى عز وجل بألا يغلب باطل حقا، فالحق يعلو ولا يُعلى عليه، وقد يستطيع بعض المتلونين إخفاء حقيقته وإظهار خلاف ما يضمر، ولكن في النهاية ستظهر حقيقته ويكشف أمره ويفضح بين الناس.
من العجيب حقا في هذا الزمان أن هناك بعض الناس لا يعجبهم الصحيح ولا يريدون سماعه بل ينزعجون ويتضايقون منه، خاصة إذا كان لا يوافق أهواءهم و«عش رجبا ترى عجبا»، فالحق والصدق لا يقبلان القسمة على اثنين.
وللأسف أغلب هذه الشعارات السياسية والوعود التي نسمعها هنا وهناك ما هي إلا وهم وسراب، خاصة تلك التي ترفع قبيل كل انتخابات وأسوأها على الإطلاق تلك التي ترفع أعلام الطائفية والعنصرية والقبلية، والعجب ممن ينجر وراء ذلك دون النظر للأصلح والأكفأ، علما أن المادة 29 من الدستور تقول: «الناس سواسية في الكرامة والإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». ويأتيك من يغذي ذلك بالعلن ثم يطالب ببرود بتطبيق الدستور! ولله در المتنبي حيث يقول:
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء
ولمن يسير على هذا النهج نقول: «استريح فلا يصح إلا الصحيح». ودمتم سالمين.