يقال: أنت الغالب بنيتك الصافية إن طال الزمن أو قصر، فعالم النواميس الكونية الذي وضعه الله عز في علاه محكم جدا، فمن حرص على صفاء نيته رزق من الخير فوق ما يتمنى.
والبشر يستحيل ان يأتوك على وتيرة واحدة او وفق نفس الشاكلة، فمنهم الطيب ومنهم السيئ، كما لكل عاقل مختار قصد معين وراء أقواله وأفعاله وكل ما يصدر منه، بمعنى أن ما نقوم به في مختلف مجالات الحياة يكون لغرض ما، قد يكون ظاهرا للعيان في تصرفات جوارحنا أو خفيا عنهم لضموره في سرائرنا، وهذا الأمر بالذات مسؤول فعلي عما نلقاه في حياتنا من خير وشر، فكما أن لجوارحنا الظاهرة أعمال، فكذلك لنفوسنا أعمال، أهمها النية.
تلك التي لها آثار ملموسة خارجيا سواء كانت آنية أو تتطلب مهلة زمنية لتطفو على السلوك، والبشر يتصرفون وفق ما يحملونه من نوايا، منها ما يكون صافيا دالا على صدق القول ورقي الأخلاق، ومنها ما يكون ملوثا معبرا عن تلطخ القلب بالخبث والنفاق.
خير مثال على النية الصافية الرسول صلى الله عليه وسلم بالرغم من انه تعرض لأبشع صنوف الإيذاء.
فسلامة القول والفعل النابع من الداخل دون تجمل أو مبالغة تعتبر بالنسبة للبعض مصدرا لمضايقتهم والاساءة لهم، ذلك من خلال أقوالهم التي يتفوهون بها أو أفعالهم التي يقومون بها والتي من شأنها أن تسبب الكثير من الشرور.
وهذه النية عندما تأخذ مكانا عاليا في فضاء حياتنا اليومي تكون لها الغلبة التامة، فكثيرا ما نجد في كثير من قصص التميز والنجاح والعطاء الإنساني أن للنية الصافية التي لا تغيب أبدا مهما كانت الظروف والمتغيرات والإغراءات دورا بارزا، وبارزا جدا، وغلبة النية الصافية تكمن في تسهيل الكثير من الأشياء وتجاوز العديد من العقبات والصعوبات.
«كن نافعا ولو بالنية، فإن الله إذا رأى فيك خيرا، يسرك للخير».
فمدار عمل المسلم النية، ومعيار ضبط الأعمال الشرعية من عبادات ومعاملات النية، فإما أن تصحح العمل الشرعي، وإما ان تلغي آثاره، وهي سبب الثواب الأخروي، فإما أن تكون سببا للثواب والظفر بجنان الخلد، كحب المؤمنين، وصفاء القلب، وإما أن تكون سببا للعقاب، كالحقد والحسد والبغضاء، والرياء والشهرة.
لذلك اجعل من نيتك الصافية أساس أقوالك وأفعالك، وسترى كيف سيتولى الله أمرك، وكيف سيمنحك أكثر مما كنت تتمناه، وتمسك بأصحاب النوايا الصافية لأنهم اصبحوا عملة نادرة في زمننا هذا، فالعالم اكتظ بأهل النوايا السيئة المليئة بالزيف والنفاق، الذين تكون لهم خلفيات خبيثة وراء كل تصرف.
ودع الأمر للمواقف فهي كفيلة بأن توضح لك أقوال وأفعال ومشاعر الآخرين تجاهك.