بيروت ـ جويل رياشي
بدا مستغربا في الأوضاع الحالية التي يشهدها لبنان والمنطقة الحشد الذي لوحظ الأحد في الباحات الخارجية لـ «فوروم بيروت» في منطقة الكرنتينا، على المدخل الشمالي للعاصمة.
ليست حفلة موسيقية ضخمة لفنان محلي او عربي او عالمي، بل معرض للكتاب تسبب في ازدحام اشتاقت اليه الحياة الثقافية في بيروت.
يختلف «معرض لبنان الدولي للكتاب 2023»، الذي تنظمه «نقابة الناشرين اللبنانيين»، عن المعرض الذي دأب على تنظيمه النادي الثقافي العربي تحت اسم «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب»، الذي يطلق دورته الـ 65 من 23 نوفمبر المقبل الى 3 ديسمبر في مكان غير بعيد، في الواجهة البحرية للعاصمة.
وفي كتيب صغير يوزع على المدخل، إشارة الى انها النسخة الثامنة للمعرض، علما ان النسخ السابقة نظمت بتقطع وآخرها في 2001، الا ان الحضور فاق التوقعات، على رغم انشغال المواطنين بمتابعة التطورات العسكرية الميدانية في الجنوب على الحدود مع فلسطين المحتلة، وارتفاع وتيرتها بين «المقاومة» والجيش الإسرائيلي.
إلا ان لبنان امتاز على الدوام بوجود «وقت لكل شيء». ولم تتمكن طبول الحرب التي تقرع بقوة من حجب المشهد الثقافي، على رغم مصادفة افتتاح المعرض يوم الجمعة 13 أكتوبر، مع سقوط شهيد من الاعلام وإصابة زملاء آخرين قرب بلدة عيتا الشعب الحدودية.
الحركة مقبولة وأكثر، والزوار يخرجون حاملين أكياسا فيها ما اختاروه من الإصدارات الورقية، الجديدة منها والخالدة التي يزداد الطلب عليها.
أكثر من 135 دار نشر مشاركة من بينها 20 مصرية، وحضور أول للدار المصرية ـ اللبنانية التي تعرض أعمالا لكتاب من «المحروسة» بينهم إبراهيم عبدالمجيد (عدد من أعماله صادرة عن الدار) وجديد محمد المنسي قنديل (مجموعة قصصية)، وعمار علي حسن وأشرف العشماوي ومحمد مصطفى عرفي، وأعمال نجيب محفوظ الصادرة عن مكتبة «ديوان» بموجب عقد بين الأخيرة وابنتي محفوظ آلت فيه الى الدار إصدار أعمال الفائز بـ «نوبل» لمدة عشرين سنة.
«تجربة مش وحشة» استهل بها مسؤول البيع في الدار المصرية ـ اللبنانية حازم محمد حديثه لـ «الأنباء»، وأضاف «كسرت الصورة التي رسمت في أذهاننا عن ان بيروت تطبع والقاهرة تكتب وبغداد تقرأ. هنا إقبال كثيف على القراءة، وسوق واسع لترويج الكتب، وطلبات كثيفة لأعمال مصرية جديدة وقديمة. فوجئت بوجود نواد للقراءة، الى حضور عائلي قوي يطلب كل واحد من أفراد الأسرة ما يراه مناسبا (..) نشارك في كافة المعارض العربية، وأتوقف عند حضور الجمهور اللبناني وكأن الدنيا لسه بخير، في حين الدنيا حرب».
في مكان آخر «عجقة» في «دار الساقي» سببها حفل توقيع الروائي اللبناني رشيد الضعيف جديده «ما رأت زينة وما لم تر» (عن انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020).
وقالت منال العاملة منذ زمن في الدار «ان الحركة أكثر من مقبولة، وهناك عطش من الجمهور للحصول على أعمال جديدة وقديمة، ونستطيع القول ان الحركة الأدبية تعاكس المشهد العام في البلاد».
وكان الموعد في الأمكنة المخصصة للندوات مع الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي المحبوب جدا في بيروت، وقد عرض لجديده «أسفار مدينة الطين الهوية والموروث الشعبي» بعد حفل توقيع حاشد.
في المعرض أيضا منصات عرض خاصة بالرسم على أنواعه بينها رسومات الأطفال، إلى لوحات فنية وغيرها.
ولم تغب الفسحات الخاصة باستراحة الزوار مع مشاركة تسع شركات معروفة في عالم المأكولات، وتوفير مساحة خاصة بالأطفال (في الطبقة الثانية من المعرض)، وكل ذلك لتأمين خدمات الزوار من العاشرة صباحا حتى السابعة مساء في أيام الأسبوع، وحتى العاشرة ليلا يومي السبت والأحد.
ويمكن القول ان المعرض حقق نجاحا فاق التوقعات، من دون ان يعني ذلك انه أخذ من درب معرض النادي الثقافي العربي، فلكل مناسبة جمهورها في بيروت، وللكتاب موعد دائم يستحق أياما أكثر ودورات عدة في السنة.