تتقدم التقنية بوتيرة مذهلة، ومنذ أعوام تابعت الكتابة منبها من أن الروبوتات ستتواجد في كل مكان تقريبا وستصبح هي الاتجاه السائد، خصوصا مع التقارب الحاصل بين الذكاء الاصطناعي وهندسة الروبوتات، مما أدى إلى تحقيق طفرة في التقنيات المبتكرة التي ستخدم البشرية. إن الخيال العلمي المتمثل في تصور الروبوتات وهي تساعد البشر في منازلهم وحياتهم اليومية أوشك أن يصبح حقيقة علمية، عبر تأسيس أول مصنع في العالم لصناعة الروبوتات التي تشبه البشر، شيدته شركة تدعى «أجيليتي روبوتكس». وسينتج المصنع روبوتات تدعى «ديجيتس»، يمكنها تعزيز الأعمال التي يؤديها البشر في بيئات العمل المختلفة.
«ديجيت» هو عبارة عن روبوت ذي قدمين، وجذع، وذراعين، وحساسات، ورأس تشبه خوذة أسطوانية، ويمكنه السير والجري وصعود الدرج والزحف وحمل أغراض يصل وزنها إلى 18 كيلوغراما. كما يمكنه فهم ما يحيط به، وتجنب العوائق، ويعمل ببطارية تدوم لمدة أربعة ساعات، ويمكن إعادة شحنه لاسلكيا. وتعد مزايا هذه التقنية هائلة، وتطبيقاتها كثيرة ومتنوعة.
يمكن لتلك الروبوتات المساعدة في مهام خطيرة ومتعبة، أو تتطلب مهارات متخصصة، مما يساعد في حل مشاكل لا حصر لها من تلك التي تحدث في مكان العمل. وستستخدم التصميمات الأولية في قطاعات مثل اللوجستيات والتوزيع والأتمتة الصناعية، وقد صنعت لغرض خاص، ألا وهو العمل بأمان بين البشر. والشركة واثقة جدا من تصميمها، لدرجة أنها ستستخدم «ديجيتس» للمساعدة في تصنيع الروبوتات جنبا إلى جنب مع العمال البشر، عبر أداء مجموعة متنوعة من الوظائف.
ستكون طاقة المصنع ـ المسمى «روبوفاب» ـ الاستيعابية 10.000 وحدة سنويا. وهناك خطط لتطوير الجيل التالي من روبوتات «ديجيتس»، الذي سيؤدي وظائف أكثر، وتدعي الشركة أنه سيحل محل عمال التوصيل في المستقبل. وسيقع المصنع في أوريغون بالولايات المتحدة الأميركية، وسيوظف أكثر من 500 شخص لدى اكتمال بنائه. وتعد «أجيليتي روبوتكس» أول شركة تكمل تطوير النموذج الأولي للروبوتات التي تشبه البشر وتقيم مصنعا، حيث يمكنها إنتاجها بكميات كبيرة.
من الواضح أن هذا هو فجر ثورة الروبوتات، حيث سيعمل زملاء العمل الآليون على زيادة الإنتاجية البشرية والإبداع. وأنا على ثقة بأننا سنرى الصين ودولا أخرى تطور روبوتات مشابهة، مما سيؤدي إلى خفض التكلفة بسرعة، ويحسن أداء تلك الروبوتات. وكما رأينا الذكاء الاصطناعي التوليدي وهو يستخدم في مجموعة كبيرة من التطبيقات هذا العام، أنا واثق من أن نفس الشيء سيحدث مع تقنية الروبوتات الجديدة هذه، التي ستحفز أيضا الابتكارات الأخرى، وتكون بمنزلة حافز لمزيد من التقدم في المجالات والتطبيقات الأخرى.
ستنتشر هذه التقنية في جميع الصناعات، كلما قل ثمن تلك الروبوتات وزادت الوظائف التي تؤديها، إلى أن تصل تلك الآلات إلى المنازل لتقدم مساعدة لا تقدر بثمن لنا جميعا في جميع مجالات حياتنا، خصوصا مساعدة ذوي الإعاقة وكبار السن والذين يحتاجون مساعدة إضافية في منازلهم لإكمال جوانب النقص في حياتهم.
إن الحاجة إلى التعليم والتدريب وتنمية المهارات في هذا المجال أصبحت جلية مع ظهور مجال جديد آخر للابتكار، سيوفر وظائف وفرصا جديدة للراغبين في اكتساب المهارات والاستفادة من كونهم أوائل المبادرين في هذا المجال.
[email protected]