في عصر الرقمنة وانفجار المعلومات أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي الواجهة الأساسية للتواصل والمشاركة.
ومع ذلك، يكمن خلف هذه الواجهة البسيطة نظام معقد من الخوارزميات التي تحدد الأخبار والمعلومات التي نراها، وفي هذا السياق تبرز قضية التحيز في الخوارزميات بوضوح خاصة في قضايا إنسانية حساسة مثل القضية الفلسطينية.
الخوارزميات ليست مجرد سلاسل من الأوامر، بل هي نتاج قرارات بشرية يتم تصميمها بناء على البيانات والتفاعلات التي يتم جمعها من المستخدمين، وهذه البيانات تستخدم لعمل تحيزات موجودة في المجتمع، مما يجعل الخوارزميات نفسها تحيزية بطريقة أو بأخرى، والتي من المفترض أن تعمل هذه الخوارزميات على تحليل البيانات التي تجمع من تفاعلات المستخدمين، مثل الإعجابات، التعليقات، ومدة المشاهدة، لتقديم المحتوى الأكثر صلة للمستخدم. ولكن نظرا إلى أن هذه البيانات تعكس آراء وتفضيلات مجموعة معينة من المستخدمين، فقد تكون النتائج متحيزة.
وهذا ما أثبته الكثير عندما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، وأشار العديد من النشطاء الرقميين إلى أن المحتوى الذي يتضامن مع فلسطين أو يسلط الضوء على الظلم والاعتداءات في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية قد يتعرض للحجب أو التقليل من وصوله.
مع الأسف لم يكتف العدو منذ سنوات بدس السم بالعسل من غرس قناعة مشوهة في عقل الطفل العربي من خلال الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال ودور السينما، وهذه كانت بداية الغزو الفكري للعقل العربي لقبوله التطبيع وقبول الاحتلال، ومن المؤسف كذلك في الفترة الأخيرة تراجع الإعلام العربي بالتغطيات الإعلامية والتقارير الخاصة بوضع الاحتلال في مكانه الطبيعي والذي تجذر في عقل آبائنا وأجدادنا.
ومع الأسف هناك بعض المصطلحات تم تغييرها من قبل الإعلام الغربي، التي مصدرها الحركة الصهيونية، حيث نقلت لنا عبر بعض وسائل الإعلام من اجل تغيير المفاهيم والمعنى الحقيقي للصراع، حيث أصبح اسم رجال المقاومة «مسلحين» و«الأراضي المتنازع عليها» بديلا عن الأراضي المحتلة، ويبقى السؤال المهم: كيف نضمن وصول أصواتنا الحقيقية والمعبرة عبر الإنترنت؟
النصيحة التي أوجهها لكل مسلم غيور لمواجهة التحايل على الخوارزميات هو استخدام الهاشتاغات الشائعة والرئيسية وتصغيرها أو إخفاؤها، خصوصا الداعمة للجانب الاسرائيلي، حاول أن تكتب الكلمات برموز أو مقطعة، يجب المشاركة في الحملات الإلكترونية ودعمها، والعمل كمنظمات وأفراد لتكوين حملات تضامنية قوية، هكذا يمكننا أن نحسن من وصول المنشورات ويزيد التضامن الرقمي قوة وثباتا.
في الختام الفهم العميق لكيفية عمل الخوارزميات واستراتيجيات التواصل الفاعلة يمكن أن يمنح النشطاء الرقميين أدوات قوية لتحقيق تغيير حقيقي وضمان وصول أصواتهم إلى العالم، لذا يبقى الدعم الجماعي والتضامن الرقمي أساسيا لمواجهة التحيز وتعزيز القضايا العادلة، لاسيما ما يحدث اليوم في غزة من قتل وتنكيل والذي يجب بدورنا أن نقلب المعادلة، وان يصل صوتنا للعالم أجمع ليعرف حقيقة جرائم العدو الصهيوني وعن البعد الإنساني للقضية الفلسطينية والذي سيتعاطى معه الإنسان العربي والغربي والضمير العالمي أجمع.