الشماتة هي الفرح بمصائب الغير أو فشلهم أو إذلالهم، وقد قال أبوحامد الغزالي في معناها: هي الفرح بالشر الواصل إلى غير المستحق ممن يعرفه الشامت. وقال القرطبي: السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا. ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء (متفق عليه).
والشماتة لها تأثيرها البالغ على نفس المشموت به وتبلغ منه أشد مبلغ، وربما انعزل في بيته حتى لا يراه الناس حياء منهم، وقد نهانا الإسلام عن هذا الخلق السيئ أشد النهي ونبهنا النبي صلى الله عليه وسلم الى أن الشماتة قد ترتد على صاحبها فيبتلى بها، فقال: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك» (رواه الترمذي).
والشماتة خلق سيئ للغاية ومن أرذل دركات القيم الأخلاقية الكامنة في النفوس المريضة، يقول فروة بن مسيك المرادي في ذلك:
إذا ما الدهر جر على أناس
كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
ثم إن الشماتة مجلبة للشر مفســـدة للدين، وعدّها القرآن الكريم من أخلاق الكفار والمنافقين، وقد حرمها المولى عز وجل القائل (إنما المؤمنون إخوة). ولصعوبة تحمل النفوس الزكية الطيبة هذا السلوك الشائن نجد هارون عليه السلام يرجو أخاه موسى عليه السلام ألا يسرف في معاتبته فيقول له كما في سورة الأعراف: (قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين)، والمؤمن حقا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومع ما ذكرت فنحن نبتهج ونسعد ونسر إذا أنزل الله عقوبته بطاغية ظالم جبار، أو انتقم من مجرم فاجر، والعيب كل العيب في المجاهرة بهذا الخلق الذميم بين الناس، ودمتم سالمين.