بيروت - عمر حبنجر
أمضى لبنان يوم حداد وطني عام، أمس الأربعاء، على شهداء مجزرة المستشفى المعمداني في غزة، فأقفلت الدوائر الرسمية والمدارس والجامعات والنقابات المهنية والمؤسسات الخاصة، وشارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الوقفة التضامنية أمام وزارة الصحة. وقال ميقاتي في المناسبة: الوقفة لها معنيان، الاول هو التضامن مع أهل غزة، والثاني ان القيم الإنسانية تنتهك في غزة. نقف جميعا مع هذا الجسم الطبي، مؤكدين أن هذا الامر لا يمكن أن يستمر. وسأل: «اين هي الأمم المتحدة مما يجري؟ أين مجلس الأمن؟ أين شرعة الامم المتحدة؟ ما يحصل هو سيطرة لشريعة الغاب والقوي يقتل الضعيف من دون خوف، والمجتمع الدولي ينظر الى ما يحصل من دون ردة فعل، لا بل أكثر من ذلك فهو يقف مع الجلاد». وتزامنا، شهدت شوارع بيروت والضاحية وطرابلس وصيدا والمخيمات الفلسطينية تظاهرات استنكارية غاضبة، واتخذت قوات الأمن اجراءات مشددة حول مقر الأمم المتحدة في بيروت (الاسكوا) والسفارات الغربية خصوصا الاميركية في عوكر والفرنسية بعد ان تعرضت هذه المواقع لهجمات بالحجارة وبقنابل «المولوتوف» نظير تقاعسها عن التفاعل مع هول الجريمة التي لا مثيل لها في تاريخ الحروب.
وقد نصحت السفارة الفرنسية في بيروت الفرنسيين الذين يرغبون في زيارة لبنان والإقامة فيه بعدم الذهاب إلى هذا البلد، «إلا لأسباب ملحة».
كما دعت السفارة الأميركية «المواطنين الأميركيين لعدم السفر إلى لبنان، وأوصت باتخاذ الترتيبات المناسبة لمغادرة البلاد».
ودعت السلطات السعودية رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا على وقع الأحداث في جنوب هذا البلد الذي يشهد تبادلا للقصف بين حزب الله وإسرائيل، أسفر عن مقتل 20 شخصا على الأقل في الجانبين خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن السفارة السعودية في لبنان قولها في بيان إنها «تتابع عن كثب تطورات الأحداث الجارية في منطقة جنوب لبنان، داعية المواطنين كافة إلى التقيد بقرار منع السفر، ومغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري لمن هو متواجد في لبنان حاليا».
كما دعت السفارة السعودية مواطنيها في لبنان إلى «توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن التي تشهد تجمعات أو تظاهرات».
وتجدد التوتر في محيط السفارة الاميركية بين القوى الامنية والمتظاهرين الذين حاولوا اجتياز الأسلاك الشائكة ورمي الحجارة مما استدعى رد القوى الامنية بالقنابل المسيلة للدموع وفتح خراطيم المياه لتفريقهم.
وفي صيدا، عم حداد وغضب وتصريحات نارية أدانت قصف اسرائيل للمستشفى المعمداني في غزة، وقد نظم لقاء سياسي لبناني - فلسطيني من مختلف فعاليات المدينة، سبقته تظاهرة تقدمها نائبا المدينة اسامة سعد وعبدالرحمن البزري، ونائبة الشوف حليمه قعقور وأمين سر «فتح» في لبنان فتحي ابو العردات، وممثل «حماس» ولفيف من العلماء، ورفعت الاعلام اللبنانية والفلسطينية وألقيت كلمات منددة بجريمة قصف مستشفى المعمداني في غزة.
من جهته، أدان «تيار المستقبل» وفي بيان تضامني مع غزة، «صمت العالم عن تمادي العدو الإسرائيلي في إجرامه»، وقد شارك في التظاهرة الحزبية التي شهدتها مدينة صيدا امس.
وفي طرابلس، انتقلت مجموعات شبابية من طرابلس وعكار الى منطقة عوكر، وحاولوا الوصول الى مقر السفارة الأميركية فصدهم حاجز متقدم للجيش، وحصل تدافع تسبب في إحراق مبنى مجاور يحتوي على صالة لبيع المفروشات.
وفي مجلس النواب، عقد مؤتمران صحافيان للجنة الشؤون الخارجية ولجنة الصحة تضامنا مع غزة.
وقال النائب ميشال موسى، رئيس لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب، ان ما حصل إجرام يفوق الوصف، فيما رأى رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، بمجزرة المستشفى المعمداني، أبشع صور الابادة الجماعية وجرائم الحرب، بينما اعتبر نائب كسروان فريد هيكل الخازن في تعليق على مواقع التواصل، ان القصف الاسرائيلي ترك مشاهد اجرامية انعدمت فيها الانسانية، جثث اطفال رضع ونساء وأولاد وعجزة لا يمكن تصورها.
غير أن موجة الغضب لم تشغل اللبنانيين عن متابعة أخبار التصعيد في الجنوب مع تجدد القصف المتبادل على طرفي الحدود في الجنوب، حيث أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي انه قصف مواقع لبنانية بعد تعرض مواقعه لإطلاق نار كثيف تجاه موقع للجيش الإسرائيلي في مستوطنة زرعيت عند الحدود مع لبنان.