«الحياة أقصر من إضاعة الوقت في التفكير عن رأي الآخرين بك، أظن ـ في المقام الأول ـ أن فراغهم هو مشكلتهم! فلو أنهم يملكون ما هو أفضل من الحديث عنك أو رأيهم بك لفعلوه!» ـ سي جويبل.
إلا إن هناك الكثير من الناس يصرفون الكثير من العواطف والمشاعر والاحاسيس الجياشة والجهد الجهيد فقط لتفسير بعض الإجابات التي تحوم حول بعض الاسئلة المختلفة في عمق حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم بالغير، والتي معظمها يتعلق برأي الغير بهم! وما يحملونه من مشاعر تجاههم!
في السابق، لم يكن هذا الانطباع الذي يسعى المرء ان يتركه في العلن ـ أمام الآخرين ـ موجودا ومهما بقدر أهمية تصرفاته في الخفاء، إلى ان ولدت «ثقافة التطبع» والتي وهبت جل المساحة للأسف لأن يصبح المرء «مؤديا» مسلطا تركيزه على نظرة الآخرين له ورأيهم به، وبات رأيهم هو الذي يهم، وليس الذي يفعله بالخفاء، ولا حتى ما يود فعله باقتناع، إنما ما يتم عرضه ليجذب الآخرين ويعجبهم ويشد انتباههم ويرضيهم، لأنه يكتسب طاقته من محيطهم ويتأثر تأثرا شديدا بهم، ما يجعله يحكم على الناس من حوله بناء على أصغر تصرف يبدر منهم، وعلى هذا الأساس يشكل المرآة التي يريد ان يرى بها نفسه.
وأظن أن مثل هذه التصرفات توحي بأن هذا الإنسان ما هو إلا شخص ناقص وسلبي غير متأكد وواثق من نفسه، لذلك عادة ما تجده لا يتمتع بإيجابية كافية، ذلك ولأنه يميل كل الميل إلى تفسير تصرفات وسلوكيات الغير تجاهه، فينحو منحى التفسير السلبي.
بعكس الشخص الإيجابي الذي عادة ما يستمد ثقته ونشاطه وحيويته وحبه لنفسه من دوافع ذاتية داخلية، غير مهتم لرأي وتصرفات وسلوكيات الغير تجاهه، فتأكد أن «حبك لنفسك لا يعتمد بالضرورة على حب الناس لك ورأيهم بك!» كما قالت جودي بيكولت.
نحن دائما ما نعتقد أن مشاعرنا ملموسة، أنها ولدت معنا وأننا نحتفظ بمدارات شاسعة من المشاعر داخلنا، وهذا أمر خاطئ، فحقيقة المشاعر لا تتعدى أن تكون مجرد «تخمينات» أحيانا، افتراضات يقدمها لنا العقل لا أكثر، ونحن القادرون على التحكم بهذه التخمينات والافتراضات أكثر مما نظن.
لذلك يقال: «لا تشك في نفسك، من هنا يولد الكارهون»، نعم لا تشك في نفسك، وكن الصديق المقرب لها، كي لا يدفعك هذا الشك إلى المزيد من السلبية والانهزامية تجاه الحياة، وقد يؤدي بك إلى الرياء أحيانا، فلا تعلم، قد تكون ثقتك في نفسك سببا يحبب الناس بك، وكلما زاد حب الناس وقبولهم لك، زاد حبك لنفسك، والعكس صحيح، وكي لا تضيع انت أيضا ما بين تلك التخمينات، من ثم تنجرف كثيرا وتذهب بعيدا وتقع في فخ افتراضات دماغك، فتهيم في عالم غير مفهوم من الحب أو البغض، القرب أو النفور.
فالبشر بشكل عام في طبيعتهم لا يتقبلون الجميع، وأغلب الظن أنك أنت أيضا لا تتقبل الجميع!
فضروري جدا أن يعي المرء نمط شخصيته، ومنبع طاقته واتزان ما داخله بما يتناسب مع خارجه، فهذا سيساعده في الوصول إلى بداية الطريق الصحيح المليء بالمتعة الداخلية، المحرر من نظرة ورأي الناس.