يعرفنا الله عز وجل بنفسه وذاته العليا، فيقول (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز)، مخبرا عن لطفه بخلقه وكرمه، انه سبحانه يرزق المؤمن ويرزق الكافر، يرزق من يشاء ويفعل ما يريد، يوسع على من يشاء من الرزق ويضيقه على من يشاء وفق حكمته سبحانه، وهو القوي الذي لا يطلب سواه، له القوة كلها، لا يرد له امر، فمن اغتر بشيء غير الله ذل، ومن اغتر بالله اعزه الله عز وجل، عطاء الله لا يخضع لميزان البشر، وهو العزيز في انتقامه لمن يعصيه.
الدنيا مزرعة الآخرة
(من كان يريد حرث الآخرة نزد له من حرثه...).
يخبرنا الله عز وجل بأمرين، عن فضله وعن عدله سبحانه، فأنت ايها الانسان إذا اردت بعملك رضا الله والآخرة فإن الله يتقبل منك بل ويزيدك من الحسنات، ويضاعفها الى عشر امثالها الى ما شاء الله من الزيادة، ومن كان يريد بعمله الدنيا وحدها، نؤته منها ما قسمناه له وليس له في الآخرة شيء من الثواب، وهذا خطاب الى كل من يقول كيف انعم الله على الكفار، نقول لما اجتهدوا وتعلموا، واما لما تخلفنا عن ديننا نستحق ما نحن فيه، الا ان يتغمدنا الله برحمته، فالله عدل لا يظلم احدا.
عذاب بدني ونفسي
يعجب الله تعالى من الذين جحدوا النعم، فيقول (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله).
هل للمشركين بالله شركاء في ضلالهم، أتدعون لهم من الدين والشرك ما لم يأذن به الله؟ يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الملعون الذي افسد دين الله، وكان اول من ادخل الاصنام، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار» لأنه اول من سبب السوائب، لعنه الله وقبحه، وهو الذي حمل قريشا على عبادة الاصنام، ولهذا قال الله تعالى (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم)، أي لعجلوا بالعقوبة لولا ما تقدم من الانظار الى يوم المعاد، و(إن للظالمين لهم عذاب أليم)، شديد موجع في جهنم وبئس المصير.
عرصات القيامة
(ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم....).
في يوم القيامة، ترى يا محمد الكافرين خائفين من عقاب الله على ما فعلوه وما كسبوه في الدنيا من اعمال سيئة والعذاب نازل بهم وهم ذائقوه لا مفر من ذلك، والذين آمنوا يؤمنهم الله من الخوف مقابل الخائفين، فالقرآن مثاني لا يذكر حالة الا ما يشابهها، فالمؤمنون لهم فضل لا يوصف، لهم ما تشتهيه انفسهم عند ربهم ذلك الذي اعطاه الله لهم من الفضل والكرامة هو الفضل الذي لا يوصف ولا تصل اليه العقول.
بشارات من الله
(ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات...). ذلك الذي اخبرتكم به، ايها الناس، من النعيم والكرامة في الآخرة، هو البشرى التي يبشر الله بها عباده الذين آمنوا في الدنيا وأطاعوه، وهو حاصل لهم لا محالة ببشارة الله تعالى لهم به (إلا المودة في القربى)، يقول الله عز وجل ملقنا نبيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش، إلا كان له منهم قرابة، فقال إلا ان تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة، وفي هذه الآية تفسير آخر، إلا المودة في القربى الا مودة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الا ان يودوا في قرابتي منكم وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم، ومن يكتسب حسنة نضاعفها له بعشر فصاعدا، إن الله غفور لذنوب عباده، شكور لطاعتهم له.
فضل حب آل بيت رسول الله
٭ ثبت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بغدير خم «إنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وانهما لم يفترقا حتى يراد على الحوض».
٭ قال النبي صلى الله عليه وسلم «والله لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي».
٭ وفي الصحيح ان الصديق رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: «والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الى ان اصل من قرابتي»، وقال عمر بن الخطاب للعباس رضي الله عنهما: «والله لإسلامك يوم أسلمت كان احب الي من اسلام الخطاب لو اسلم لأن إسلامك كان احب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اسلام الخطاب».
٭ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا اهل بيتي بحبي».