كثفت إسرائيل قصفها وغاراتها على قطاع غزة تمهيدا للعملية البرية، بعد ان دمرت أكثر من 40% من مساكنه وقتلت وجرحت نحو 20 ألفا من سكانه منذ اطلقت هجومها ردا على عملية «طوفان الأقصى» المباغتة التي شنتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
خسائر فادحة
إلى ذلك، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الجنرال دانيال هغاري «كثفنا هجماتنا وسنسلك المرحلة المقبلة من الحرب في ظروف أفضل للجيش».
لكن محللين يرون أن العملية البرية إن حصلت لن تكون نزهة، إذ سيكون على الجنود الإسرائيليين مواجهة حرب شوارع وشبكة أنفاق حماس التي تحتجز أيضا في القطاع أكثر من 212 أسيرا بحسب آخر حصيلة أعلنها الجيش الإسرائيلي أمس. وهذه أيضا ورقة تعقد العملية البرية اذ يزداد الضغط الشعبي على حكومة بنيامين نتنياهو للعمل على الأفراج عن الأسرى والمحتجزين. وزاد في إحراج الحكومة اليمينية المتطرفة ما أعلنته حركة حماس من ان الاحتلال رفض استلام رهينتين قررت اطلاق سراحهما لأسباب إنسانية.
وفي معرض حديثه عن الاستراتيجية الإسرائيلية، قال المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس في تصريحات لقناة «فوكس تي.في» التلفزيونية أمس إن الأمر يتعلق «بإضعاف حماس وإرهاقها وإزاحتها استعدادا للمرحلة التالية من عملياتنا العسكرية».
وأضاف «افتراضنا العملي هو أن حماس قد أعدت ساحة المعركة، وأن هناك أبعادا مختلفة للحرب في انتظارنا، وتحديدا الأنفاق، وأن حماس على الأقل في المرحلتين الأولى والمتوسطة سوف تقاتل وتلحق خسائر فادحة في صفوف (القوات الإسرائيلية)».
من جهته قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت «قد يتطلب الأمر عدة أشهر لكن في النهاية لن تكون هناك حركة حماس».
وأضاف في تصريح صحافي، أن «العملية البرية في غزة يجب أن تكون الأخيرة، وستستغرق شهرا أو شهرين أو ثلاثة».
تدمير أحياء باكملها
من جهتها، قالت الأمم المتحدة أمس، إن ما لا يقل عن 42 % من جميع الوحدات السكنية في قطاع غزة تعرضت للتدمير أو الأضرار جراء الغارات الإسرائيلية التي تدخل اليوم يومها السابع عشر. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان نقلته وكالة أنباء (شينخوا)، بتدمير 15100 وحدة سكنية، وجعل 10656 وحدة سكنية غير صالحة للسكن.
وأوضح البيان أن 139 ألف وحدة سكنية أخرى تعرضت لأضرار طفيفة إلى متوسطة، لافتا إلى تدمير أحياء بأكملها، خاصة في بيت حانون وبيت لاهيا والشجاعية، والمنطقة الواقعة بين غزة ومخيم الشاطئ للاجئين، وعبسان الكبيرة في خان يونس.
وأبرز البيان اعلان وزارة الصحة أن 62% من القتلى هم من الأطفال والنساء. وأعلنت الوزارة ارتفاع حصيلة القتلى أمس إلى أكثر من 4651 شهيدا، بينهم نحو 1873 طفلا، و1023 سيدة، و187 مسنا بالإضافة إلى 14245 مواطنا أصيبوا بجروح مختلفة.
التواطؤ مع منظمات إرهابية
وجددت إسرائيل تهديد الفلسطينيين الباقين في شمال القطاع داعية اياهم للتوجه إلى جنوب القطاع. واعتبر التحذير أن من يظل في مكانه قد يتم تحديد هويته على أنه متعاطف مع «منظمة إرهابية».
ووصل التحذير على منشورات وعليها شعار الجيش الإسرائيلي وعبر الهواتف المحمولة ورسائل صوتية في أنحاء قطاع غزة.
وذكر المنشور «تحذير عاجل لسكان غزة. وجودكم إلى الشمال من وادي غزة يعرض حياتكم للخطر. من يختار عدم مغادرة شمال غزة إلى الجنوب من وادي غزة قد يتم تحديده على أنه متواطئ في منظمة إرهابية».
ورغم إنذار سكان الشمال بالمغادرة نحو الجنوب، يطال القصف الإسرائيلي بانتظام مناطق جنوبية، فيما يعتقد أن مئات آلاف المدنيين لايزالون في مدينة غزة ومحيطها، غير راغبين أو قادرين على المغادرة.
في رفح بجنوب القطاع، نشرت صور مروعة لجثث أفراد عائلات كاملة قتلت في القصف. وشوهد فلسطيني يحمل بين ذراعيه جثة طفله لفت بقماش أبيض في أحد الشوارع.
وفي الضفة الغربية، اعترف الجيش الإسرائيلي بأن طائراته قصفت مسجد في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة أمس، زاعمة أن مسلحين كانوا يستخدمونه للتخطيط لهجمات.
وفي سياق رد الفصائل على العدوان، اعلنت كتائب القسام أنها أوقعت قوة اسرائيلية في كمين شرق خان يونس. وقالت: مجاهدونا التحموا مع القوة المقتحمة ودمروا جرافتين ودبابة وأجبروا العدو على الانسحاب.
واعترفت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة 4 جنود بينهم حالات حرجة في اشتباكات قرب كيسوفيم في مجمع أشكول شرق خان يونس.
كما، اعترف الجيش الإسرائيلي بأن دبابة تابعة له أطلقت نيرانها وأصابت موقعا مصريا قرب الحدود في كرم أبوسالم. وقال انه عن طريق الخطأ وقدم اعتذاره للجانب المصري.
من جهته قال المتحدث العسكري المصري انه خلال الاشتباكات القائمة في قطاع غزة، أصيب أحد أبراج المراقبة الحدودية المصرية بشظايا قذيفة من دبابة إسرائيلية عن طريق الخطأ مما نتج عنه إصابات طفيفة لبعض عناصر المراقبة الحدودية، وقد أبدى الجانب الإسرائيلي أسفه على الحادث غير المتعمد فور وقوعه، وجار التحقيق في ملابسات الواقعة.
إلى ذلك، عبرت أمس ثاني قافلة مساعدات إلى القطاع هي عبارة عن 17 شاحنة دخلت أمس من الجانب المصري لمنفذ رفح الحدودي نحو غزة، تحت إشراف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقالت (أونروا) ومصدر مصري لوكالة «فرانس برس» إن ست شاحنات محملة بالوقود دخلت إلى قطاع غزة لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات.