القاهرة - هناء السيد
نجحت البعثة الأثرية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة ڨورتسبورج الألمانية، في الكشف عن الألوان الأصلية لمعبد إدفو وعدد من النقوش التي تظهر لأول مرة، وذلك أثناء أعمال مشروع ترميم سطح المعبد المكرس لعبادة الإله حورس، والذي بدأ عام 2021 بتمويل من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية.
وأشاد شريف فتحي وزير السياحة والآثار بالدور الذي يقوم به المرممون، لاسيما المصريين، في الحفاظ على تراث مصر الحضاري، وما يبذلونه من جهد رائع ومحاولتهم الدؤوبة للكشف عن كل النقوش الموجودة بالمعابد المصرية واستعادة الألوان الأصلية التي كانت تزينها منذ آلاف السنين، واصفا إياه بالجهد الرائع لإزالة الأثرية التي كانت تغطيها على امتداد سنوات طويلة، والذي يعقبه القيام بمعالجات دقيقة للغاية لإعادة هذه الألوان لما كانت عليه، موجها بضرورة الإسراع في إتمام الأعمال استعدادا للموسم السياحي الشتوي واستقبال الزائرين المصريين والسائحين من كافة دول العالم.
وأوضح د.محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن مشروع ترميم المعبد يأتي في إطار استراتيجية وزارة السياحة والآثار في الحفاظ على تراث مصر الحضاري والثقافي والذي هو إرث للإنسانية جمعاء، ويهدف المشروع إلى تنظيف جدران المعبد وإعادة نشر النصوص والمناظر الخاصة بها وتوثيقها توثيقا رقميا في إصدارات جديدة تحمل ترجمات ودراسات أكثر دقة من الإصدارات السابقة التي نشرت خلال القرن الماضي، كما يتضمن المشروع أيضا ترميم وتنظيف المقاصير والجدران الداخلية للمعبد، فضلا عن تثبيت الألوان، وإزالة السناج، وعمل دراسات مفصلة للنصوص والمناظر الموجودة بجدران قدس الأقداس والغرف المجاورة لها.
وأشار الأمين العام إلى أنه خلال ترميم سقف وجدران قدس الأقداس بالمعبد تم الكشف عن بقايا مناظر ملونة وكتابات للكهنة مدونة بالخط الديموطيقي، بالإضافة إلى آثار ألوان ذهبية كانت تستخدم لتذهيب النقوش البارزة من مجوهرات وشارات ملكية وكذلك أجساد الآلهة.
وأثنى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على الجهود المبذولة في المشروع من أجل إظهار النقوش والألوان، والتي ستعمل بشكل كبير إلى عودة المعبد لما كان عليه عند بنائه، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على المعبد ونقوشه، والمساهمة في الوقت ذاته في تحسين التجرية السياحية لزائري المعبد.
من جانبه، قال د.أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إن النصوص الموجودة بالمعبد تشير إلى أن بعض المباني به كان مغطاة بطبقات من رقائق معدنية سميكة مصنوعة من النحاس (المذهب) والتي لم يتبق منها إلا مجموعات من الثقوب في الجدران، الأمر الذي أدى إلى ندرة توثيقها في السجلات الأثرية، لافتا إلى أن فريق العمل المصري الألماني نجح في الكشف عن هذا النوع من التذهيب في أماكن عديدة في الأجزاء العلوية من جدران مقصورة القارب المقدس بالمعبد.
فيما أشار الأستاذ أحمد عبدالنبي المشرف على المشروع أن فريق العمل قام بإزالة الاتساخات العالقة بالأسطح وفضلات الطيور والأتربة والسناج، وكذلك تكلسات الأملاح، ما أسفر عن ظهور بقايا الألوان الأصلية التي كانت تغطي النقوش البارزة بأكملها، موضحا أنه جار حاليا فحص وتحليل الألوان المستخدمة وترميمها، لعودة المناظر إلى صورتها الأصلية عند تشييد المعبد.
من جانبه، قال أ.د.مارتن أ.شتادلر، رئيس المشروع ورئيس قسم المصريات بجامعة يوليوس ماكسميليان بڨورتسبورج، إن جودة الألوان بالمعبد تعكس مدى تقدم الفن المصري، لافتا إلى العثور على نص ديموطيقي مرسوم بالحبر كان مختفيا تماما تحت العوالق يتحدث عن دخول الكهنة إلى قدس الأقداس وهو نقش فريد، حيث إنه من المعروف أن الكتابات الشخصية تظهر دائما في المحيط الخارجي للمعبد أو على المداخل وليس في المقصورة الرئيسية أو قدس الأقداس، حيث يوجد القارب المقدس وتمثال الإله، مؤكدا أن هذه النصوص المكتشفة، ستسهم في تشكيل رؤى جديدة حول الممارسات الدينية للكهنة في هذا الوقت.