بيروت - ناجي شربل وأحمد عزالدين
حط الموفد الأميركي أموس هوكشتاين في تل أبيب في مسعى للجم تدهور الأمور على الجبهة الشمالية لإسرائيل مع لبنان، والحيلولة دون توسيع حكومة بنيامين نتنياهو الحرب مع «حزب الله».
في حين قصد السفير السعودي وليد بخاري الصرح البطريركي الماروني الصيفي في الديمان (شمال لبنان)، حيث التقى البطريرك الكاردينال بشارة الراعي، في زيارة تلت اجتماع سفراء المجموعة الخماسية التي تعمل على حل الملف الرئاسي اللبناني المتعذر إتمام استحقاقه منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
وأكد السفير بخاري للراعي، بحسب بيان البطريركية المارونية، وقوف المملكة العربية السعودية دائما إلى جانب لبنان واهتمامها بمساعدته على تخطي أزماته على الصعد كافة.
في تل أبيب مسعى لتلافي الحرب الكبرى، والخشية من انزلاقاتها على المنطقة، وفي الديمان جهد لفتح كوة بين الأفرقاء اللبنانيين، في ضوء تأكد الجميع أن العقد الرئاسية اللبنانية «داخلية»، كما جاهر بالأمر البطريرك الراعي أمام زواره.
في مكان آخر بالبلدات والقرى الحدودية اللبنانية جنوبا، حركة نقل ما تبقى من مفروشات في منازل لم تدمر بالكامل، ما يشير إلى تمضية الأهالي فصل الشتاء وفصولا أخرى في الأماكن التي انتقلوا إليها بعد التصعيد الإسرائيلي على خلفية الحرب على غزة.
وتوقف المراقبون أمام ظاهرة تحويل البلدات الحدودية اللبنانية إلى مناطق أشباح بين منازل مدمرة، أو خالية من السكان مع ارتفاع نبرة التهديدات الإسرائيلية يوميا بتوسيع الحرب. وأثار الأمر الكثير من الشكوك والمخاوف حول مستقبل الوضع على الحدود، وما إذا كانت آلة الحرب الإسرائيلية تعمل على توسيع الشريط الأمني على الحدود بشكل تدريجي وبقوة الأمر الواقع، مع إطالة أمد حرب الإشغال او الاستنزاف، من دون وجود أي سقف زمني وغياب أي أفق للحل.
وتوقف مصدر لبناني مطلع عند إفراغ القرى من خلال اتصالات تجريها جهات لبنانية مع القوات الدولية «اليونيفيل»، وتشجع السكان على إخراج محتويات المنازل والمحال التجارية.
وقال المصدر لـ «الأنباء»: «بعد بلدة ميس الجبل، أكبر بلدات الشريط الحدودي حيث خرجت قوافل كبيرة من الشاحنات محملة بكل ما يمكن إخراجه إلى مناطق النزوح البعيدة، ثم بلدة العديسة وهي من البلدات الكبيرة أيضا، بدأت الخطوة تتعمم في مناطق وبلدات أخرى». وتابع المصدر: «استمرار عملية إفراغ القرى بسبب الوضع الأمني، يجعل عودة الحياة إلى طبيعتها في هذه المناطق في غاية الصعوبة فيما لو طال أمد الحرب كما هو متوقع». وأضاف المصدر: «رغم القناعة التامة أن توسيع الحرب مستبعد، فإن تزايد التهديدات الإسرائيلية يشجع أبناء هذه البلدات على إفراغها، وتأسيس مصدر عيش جديد في مناطق بعيدة عن الحدود في ظل غياب أي حل مطمئن».
وأشار إلى تصاعد التهديدات الإسرائيلية بتوسع الحرب، «ما حرك الموفد الأميركي أموس هوكشتاين من جديد للمجيء إلى المنطقة، في محاولة لممارسة الضغط ومنع أي تهديد إضافي للوضع الإقليمي».
وقال: «ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية انه سيطرح تسوية لموضوع الحدود مع لبنان، وسط الشكوك بعدم نجاح هذا المسعى مع ربط وضع الحدود اللبنانية بمسار الحرب في غزة».
وتوقف المصدر عند «تزايد عدد المطالبين في إسرائيل بضرورة القيام بعمل عسكري في لبنان، حتى من قبل المعارضين لاستمرار الحرب في غزة والداعين إلى تسوية لإطلاق الرهائن» لدى حركة «حماس، فيما رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي سقف تهديداته».
وترى مصادر لبنانية أخرى «أن مهمة هوكشتاين تواجه صعوبات كبيرة، بين التعنت الإسرائيلي الرافض لأي حلول في المنطقة، وتمسك حزب الله بربط وقف جبهة الإسناد باتفاق على وقف النار في غزة».
وتأمل هذه المصادر، أن ينجح هوكشتاين في تبريد الأجواء الساخنة، والتخفيف من حدة التهديدات من خلال المحافظة على قواعد الاشتباك المعمول بها، إلى أن يتم التوصل إلى تسوية عامة.
على الصعيد الداخلي، وعلى رغم المواقف التي تتحدث يوميا عن عدم ربط الملف الرئاسي بالوضع على الحدود، يرى مراقبون انه لا يمكن الفصل بين الأمرين، وان طريق الاستحقاق الرئاسي سيبقى مقفلا مع استمرار المعارك على الحدود.
ووضع التحرك الديبلوماسي النشط في دائرة المراوحة، من دون التفاؤل بإمكان إحداث أي خرق في جدار الأزمة الصلب. واعتبر البعض تحركات سفراء اللجنة الخماسية منفردين، في إطار التعبير عن استمرار دعم الحل السياسي في لبنان، والسعي إلى مساعدته، مع إبقاء حالة الجاهزية التامة لاقتناص فرصة انتخاب رئيس للجمهورية عندما تسمح الظروف.
ملف خلافي آخر طفا إلى سطح المواجهة، يتعلق بإجازة وزارة التربية والتعليم العالي السماح بتسجيل تلامذة سوريين غير حاصلين على أوراق إقامة شرعية في البلاد في المدارس الرسمية اللبنانية. وأمام النقمة في الشارع المسيحي الذي يرى في الخطوة توطينا مقنعا، بادر عدد من الوزراء المسيحيين في حكومة تصريف الأعمال إلى الطلب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعادة وضع هذا البند على جدول أعمال جلسات الحكومة، معتبرين انه لم تتم مناقشته كما يجب، وتم تمريره بسرعة من دون الدراسة اللازمة التي يستحقها.
وكان عدد من العائلات السورية غادر البلاد لتعذر تسجيل أولادهم غير الحاصلين على إقامات شرعية لأسباب عدة، بينها تفادي الأهالي دفع الرسوم الخاصة ببدلات الإقامة العائدة لأولادهم وغالبيتهم من مواليد لبنان.. وجاء قرار الحكومة ليوقف العودة السورية الطوعية، وليشجع العائلات السورية على البقاء في لبنان مع فتح مجالات أمامهم لتسوية بقائهم عبر قنوات غير شرعية من السلطات الرسمية نفسها(!).
وكانت بلدة عمشيت الساحلية، شهدت رحيل عدد من العمال السوريين إلى محافظة إدلب غير الخاضعة للسلطات السورية.
ودعا المجلس التربوي في حزب «القوات اللبنانية» إلى التجمع ظهر اليوم الثلاثاء أمام مبنى مديرية التعليم المهني والتقني بالدكوانة (شرق بيروت)، احتجاجا على القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية.
في الميدان الجنوبي، أطلق الجيش الإسرائيلي 3 قذائف مدفعية ثقيلة على أطراف بلدة عيتا الشعب بالنبطية. وسبقها استهداف حرج بلدة حانين في قضاء بنت جبيل بثلاث قذائف أيضا. وكانت بلدة كفركلا الحدودية في قضاء مرجعيون تعرضت للقصف المدفعي. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدة حولا في قضاء مرجعيون.