ارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة جديدة في مخيم البريج وسط غزة راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، مع تواصل القصف الجوي والمدفعي لمدينة رفح جنوبا، فيما تتواصل مساعي الوساطة الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بالقطاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إن مساعي التوصل إلى هدنة في غزة متواصلة بعد انتهاء جولات المحادثات الأخيرة التي تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 11 شهرا بدون تحقيق اختراق واضح.
وقال ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي بالدوحة أمس: «إن الجهود لاتزال مستمرة وقنوات الاتصال لاتزال مفتوحة. الأهداف والزيارات والاجتماعات مستمرة».
ورفض الأنصاري التعليق على ما إذا كان قد تم نقل أي اقتراح آخر إلى إسرائيل أو حماس، وقال: «عندما يتعلق الأمر بإمكانية التوصل إلى اتفاق في أي وقت قريب، فإننا بالطبع نظل متفائلين عند كل منعطف».
من جهة أخرى، بحث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، الأوضاع الإنسانية وجهود التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة، بما يسهم في معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعاني منها سكان القطاع.
وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية «وام» في بيان ان ذلك جاء خلال اجتماع عقده الجانبان في أبوظبي أمس.
وقد أكد الشيخ عبدالله بن زايد، دعم دولة الإمارات لكل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والحرص على التعاون مع الاتحاد الأوروبي وكل الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعاني منها المدنيون في قطاع غزة.
وأشار سموه إلى أن تحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين هو السبيل لإرساء دعائم الاستقرار والأمن المستدام في منطقة الشرق الأوسط وتلبية تطلعات شعوبها في الحياة الكريمة والازدهار.
وفي غضون ذلك، أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية استشهاد 23 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 50 آخرين في مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بمخيم (البريج) وسط قطاع غزة ودمر خلالها مربعا سكنيا كاملا.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل في تصريح صحافي إن 23 فلسطينيا على الأقل استشهدوا في المجزرة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بعد قصفها لمنازل وسط المخيم، فيما نقل عدد من المصابين إلى مستشفى (العودة) بمخيم (النصيرات)، واصفا المشهد بـ «المأساوي».
وذكر بصل أن التقديرات تشير إلى وجود نحو 50 شخصا في منازل المخيم المستهدفة، موضحا أن الدفاع المدني تلقى عشرات من مناشدات الاستغاثة من العالقين داخل المنازل المستهدفة.
وأشار إلى استهداف الاحتلال سيارات الدفاع المدني التي وصلت لإنقاذ الجرحى، مما أدى إلى إصابة أحد عناصر الطاقم المسعف.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» في غزة، أن حصيلة الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر، بلغت 41252 قتيلا على الأقل.
وقالت الوزارة في بيان أمس إنها أحصت خلال 24 ساعة «26 شهيدا» نقلوا إلى المستشفيات، لافتة إلى أن العدد الإجمالي للجرحى ارتفع إلى 95497 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي. من جانبها، قالت (حماس) إن «جيش الاحتلال الإرهابي ارتكب مجزرة جديدة بتنفيذه قصفا وحشيا مكثفا شمل مربعا سكنيا مكتظا بالأهالي شرق مخيم البريج، مما أدى لتدمير عدد من المنازل على رؤوس ساكنيها، وإيقاع العشرات من الشهداء والمصابين».
وأكدت الحركة في بيان أن هذه الجرائم البشعة والمتكررة إمعان من جيش الاحتلال في حرب الإبادة والاستهداف المباشر والمتعمد للمدنيين العزل، وسط صمت دولي مستهجن، وحالة شلل كامل للمنظومة الدولية.
بدورها، نشرت «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فيديو لقصف عناصرها لكل من عسقلان وسديروت في غلاف غزة برشقات صاروخية.
في الغضون، أفاد مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني بوقف السلطات الإسرائيلية منح التأشيرات لرؤساء وموظفي المنظمات الدولية غير الحكومية.
وقال لازاريني في بيان أمس إن المنظمات تعمل منذ أعوام على تقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص المحتاجين بالشراكة الوثيقة مع الأمم المتحدة.
واتهم لازاريني الحكومة الإسرائيلية بالتوجه بشكل متزايد إلى التخلص تدريجيا من تمثيل المنظمات الإنسانية أو تلك التي تعمل على الإبلاغ عن «الفظائع التي ارتكبت في هذه الحرب وتأثيرها على المدنيين».
وقال إنه مع «استمرار تزايد الاحتياجات الإنسانية فإننا نحتاج إلى المزيد من العاملين في المجال الإنساني وليس تقليل عددهم، ولكن العكس هو ما يحدث الآن».
وأشار إلى أن الخطوة تأتي تزامنا مع الحظر المستمر على دخول وسائل الإعلام الدولية لتغطية الأحداث بحرية من داخل غزة، في وقت لا يسمح فيه لعدد من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة بزيارة غزة أو يمنعون من السفر إلى الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.
وتابع لازاريني أن المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام الدولية ممنوعة من القيام بعملها على النحو اللائق، مطالبا بوضع حد لهذا الأمر ورفع القيود.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن عمان تسلمت من إسرائيل جثة سائق الشاحنة الأردني الذي قتل 3 إسرائيليين عند معبر «اللنبي/ جسر الملك حسين» بين الضفة الغربية المحتلة والأردن في الثامن من سبتمبر الجاري.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا» عن الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة قوله أمس «جرى تسلم جثمان المواطن الأردني ماهر الجازي»، الذي تم تسليمه لذويه، حيث شيع ودفن أمس في محافظة معان.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة «يديعوت احرنوت» ان الجيش الإسرائيلي أعد خطة لإغلاق الحدود مع الأردن بعد هذا الهجوم.
ولفتت الصحيفة إلى أنه من المقرر أن يتم عرض هذه الخطة خلال الأيام المقبلة على كبار المسؤولين في وزارة المالية لرصد الموازنات اللازمة. ووفقا لـ «يديعوت أحرنوت»، تتضمن الخطة نشر أجهزة مراقبة واستشعار وكاميرات على الأبراج المنتشرة على طول الحدود المكشوفة والاستعانة بقوات تدخل سريع في حال الاشتباه بتحركات مريبة كمحاولة تسلل وغيرها، كذلك سيتم تشغيل طائرات مسيرات، إضافة إلى تعزيزات عسكرية.