بيروت - داود رمال
كشف مصدر ديبلوماسي غربي في بيروت لـ«الأنباء» عن فحوى الرسالة التي حملها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، والتي سبق وأبلغ القيادات اللبنانية الرسمية بها، وتحديدا عند قيام السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون بزيارة عاجلة إلى عين التينة حيث أطلعت رئيس مجلس النواب نبيه بري على الهدف الأساسي من زيارة هوكشتاين، وسبب حصر زيارته بتل أبيب.
وقال المصدر: «زيارة هوكشتاين المهمة جدا إلى تل أبيب، نقل خلالها رسالة أميركية حساسة إلى القيادات الإسرائيلية تتعلق بالتصعيد العسكري المحتمل على الجبهة الشمالية مع لبنان وحزب الله. وحملت هذه الرسالة ثلاث نقاط رئيسية، عكست الموقف الأميركي الحذر تجاه التوسع العسكري الإسرائيلي إلى الشمال، نظرا إلى ما قد يترتب على ذلك من تداعيات واسعة تتجاوز حسابات إسرائيل».
وأوضح المصدر ان «النقطة الأولى في الرسالة تضمنت تحذيرا من كلفة الحرب الباهظة، اذ ان هوكشتاين نقل تحذيرا واضحا لإسرائيل مفاده أن الذهاب إلى الحرب مع حزب الله في الشمال ستكون له كلفة باهظة جدا، وان هذا التحذير يعكس المخاوف الأميركية من أن أي تصعيد شمالي، سواء كان محدودا أو شاملا، سيؤدي إلى خسائر كبيرة على المستوى البشري والمادي بالنسبة إلى إسرائيل، إضافة إلى تأثيره السلبي على استقرار المنطقة بالكامل. وقد أوضح هوكشتاين أن كلفة هذه الحرب ستكون غير مسبوقة، ذلك أن حزب الله يتمتع بقدرات عسكرية متطورة وخبرة قتالية كبيرة، تجعل المواجهة معه مكلفة وصعبة على كل الأصعدة».
وأضاف المصدر: «النقطة الثانية في الرسالة تضمنت التحذير من حرب متعددة الجبهات. وأبلغ هوكشتاين القيادة الإسرائيلية تحذيرا من أن أي حرب تبدأ مع حزب الله لن تبقى محدودة بالجبهة الشمالية فقط، بل ستتحول سريعا إلى حرب متعددة الجبهات. وهذا يعني أن أي تصعيد في الشمال سيجذب أطرافا أخرى إلى المعركة، سواء كانت من قطاع غزة أو حتى من ساحات أخرى في المنطقة، ما يعقد الأمور بشكل كبير ويضع إسرائيل في مواجهة تهديدات من جهات عدة في وقت واحد. وتدرك الإدارة الأميركية أن فتح جبهة شمالية بالتزامن مع استمرار الحرب في غزة، سيؤدي إلى توسع خطير في رقعة الصراع، ما قد يعرض إسرائيل إلى مخاطر أكبر بكثير مما تتوقع».
وأكد المصدر «ان النقطة الثالثة في الرسالة تضمنت الإشارة إلى ان التسوية على الجبهة الشمالية مرتبطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي السياق عينه، أشار هوكشتاين في رسالته إلى أن الجهود الأميركية تتركز الآن على محاولة إيجاد تسوية للوضع في الشمال، ولكن ذلك بات مرتبطا بشكل وثيق بما يحدث في غزة. وهذا الربط بين الجبهتين يعكس إدراك واشنطن أن حل المشكلة مع حزب الله لا يمكن أن يتم بشكل منفصل عن التطورات في قطاع غزة، حيث ان التحركات العسكرية والسياسية هناك تؤثر بشكل مباشر على التصعيد في الشمال والعكس صحيح. وبالتالي فإن أي جهد أميركي أو دولي لتهدئة الأوضاع مع حزب الله، لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم احتواء الوضع في غزة أولا».
ولفت المصدر إلى ان «زيارة هوكشتاين إلى المنطقة اقتصرت على تل أبيب فقط، حيث حمل هذه الرسالة المحددة دون إجراء أي لقاءات أو مشاورات في دول أو مع أطراف أخرى، وهذا يشير إلى أن الزيارة كانت مخصصة لنقل التحذيرات الأميركية المباشرة إلى إسرائيل بخصوص الشمال، وتركزت حول تجنب فتح جبهة جديدة مع حزب الله، خصوصا في ظل تعقيدات الوضع القائم في غزة».
واعتبر المصدر ان «رسالة هوكشتاين تعكس في شكل واضح الموقف الأميركي الذي يسعى إلى احتواء التصعيد، ومنع اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله، إدراكا منه بأن كلفة هذه الحرب ستكون باهظة وستجر المنطقة إلى نزاع متعدد الجبهات».