بيروت - ناجي شربل وأحمد عز الدين
بعد ساعات عنيفة اهتزت فيها أرجاء العاصمة اللبنانية بيروت ومحيطها على دوي غارات إسرائيلية مكثفة على ضاحيتها الجنوبية وعلى الجنوب والبقاع وقرى قضاء صيدا.. أدرك اللبنانيون ان الحرب الإسرائيلية الموسعة، لم تدخل بعد عدها التنازلي.
فإسرائيل تسعى تحت عنوان عريض هو «القضاء على حزب الله»، إلى النيل من بنيته العسكرية بعد تحقيق هدفها الأكبر بالقضاء على بنيته التنظيمية التأسيسية.
وفي باريس، انعقد المؤتمر الدولي الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدعم لبنان ماليا وإنسانيا وسياديا، لمواجهة تداعيات الأزمة الحالية.
وأكد الرئيس الفرنسي في افتتاح المؤتمر أنه «لابد أن تنتهي حرب الآخرين على أرض لبنان». ولفت إلى ان «لبنان يتعرض لجملة من التحديات تتمثل بهجمات إسرائيل والنزوح».
وأعلن ماكرون عن تقديم «100 مليون يورو مساعدات للبنان»، لافتا إلى انه «يجب وقف الحرب فورا»، داعيا «إسرائيل إلى وقف الحرب في لبنان»، وشدد على «وقف الهجمات على إسرائيل أيضا».
ولفت إلى ان «إيران تدفع بحزب الله لمواجهة إسرائيل»، ودعا إلى «احترام القرار 1701 وتطبيقه من كل الأطراف»، معتبرا ان «لدى الجيش اللبناني الآن مهمات أكثر من قبل وعلى حزب الله أن يوقف عملياته واستهداف ما بعد الخط الأزرق».
من جهته، قال ميقاتي في كلمته: «أحضر أمامكم بقلب مثخن بالجراح لألقي الضوء على العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والذي أدى إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون مواطن لبناني، منهم 500 ألف طفل فقدوا منازلهم ومدارسهم. ولا يمكن المبالغة في تقدير التأثير المدمر لهذه الحرب على بلدنا، حيث خلفت وراءها دمارا وبؤسا. إن الهجمات العشوائية التي تستهدف العاملين في مجال الرعاية الصحية وفرق الاسعاف، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 150 شخصا، وتعطيل أكثر من 13 مستشفى وأكثر من 100 مركز رعاية صحية، تشكل انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، كما ذكرت وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية. ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان حماية المدنيين والبنى التحتية الحيوية».
وطالب ميقاتي بـ«التضامن ووقف إطلاق النار، وتقديم مساعدات إنسانية طارئة، وإعطاء الأولوية لاستقرار المؤسسات الرئيسية، وتشمل الأولويات الخاصة تقديم الدعم للسلطات المحلية في إدارة التدفق الكبير للنازحين بشكل فعال وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية مثل النفايات والطاقة والمياه. والتعافي المبكر والبنية الأساسية».
وأضاف: «الحكومة اللبنانية على ثقة بأن وقف إطلاق النار سيكون له تأثير فوري في تهدئة التوترات على الجبهة الجنوبية اللبنانية، ويمكن أن يمهد الطريق لاستقرار مستدام طويل الأمد، وسيفتح الباب أمام مسار ديبلوماسي ستدعمه الحكومة بالكامل. ويهدف هذا المسار إلى معالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود الجنوبية وكذلك النزاعات على طول الخط الأزرق من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. ويبقى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان. وإن التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها. وإن التزام الحكومة اللبنانية ببدء عملية تطويع جنود لبنانيين إضافيين وفقا للقرار، يظهر التزاما واضحا بتنفيذه، ويشكل قرار تجنيد المزيد من الجنود خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. إن معادلة الاستقرار تتحقق بالوقف فوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ونشر 8000 عنصر من الجيش جنوب نهر الليطاني».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أمس أن المشاركين في المؤتمر قدموا تعهدات بـ800 مليون دولار لمساعدة الشعب اللبناني.
وأكد بارو خلال كلمته في ختام المؤتمر انه تم جمع ما يقارب 800 مليون دولار للمساعدات الإنسانية و200 مليون دولار أخرى لدعم القوات المسلحة للبنان.
وشدد على أهمية العمل على التوصل إلى حل ديبلوماسي، مؤكدا انه لا يمكن فقط الاقتصار على الاستجابة الإنسانية والأمنية.
وقال إن «لبنان صديق فرنسا على شفير الانهيار»، ومن هذا المنطلق، أكد انه من واجب المجتمع الدولي التحرك، ولهذا قامت فرنسا بهذه المبادرة.
وكانت المرونة التي أبداها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت حول القرار 1701، وان مع «كيفية التنفيذ»، بثت موجة تفاؤل في الأوساط السياسية إلى حد توقع البعض التوصل إلى هدنة خلال أيام، على عكس ردة الفعل الإسرائيلية برفع سقف مطالبها، والتلويح بتصعيد الحرب التدميرية في ترجمة لما اعلنته حكومة نتنياهو انها ستفاوض تحت النار.
وقال مصدر نيابي بارز لـ«الأنباء»: «من يريد الذهاب إلى اتفاق أو تسوية يخفف من وتيرة أعماله الحربية بعكس ما تقوم به إسرائيل، التي رفعت من هذه الوتيرة إلى الحد الأقصى سواء لجهة الغارات التدميرية غير المسبوقة في ضاحية بيروت الجنوبية، او لجهة إفراغ الجنوب من ناسه في شكل كامل كما فعلت في مدينة صور الساحلية الجنوبية، والتي كانت تشكل التجمع السكاني الأوسع في الجنوب».
وأضاف المصدر: «ركز وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على الموضوع اللبناني في جولته العربية، وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي أمر آخر. وهناك تحرك عربي مطلع الشهر المقبل إلى لبنان مهد له الامين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط خلال زيارته الأخيرة. وسيعطي الاولوية للانتخابات الرئاسية من دون تجاهل السعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار».
وارتفع عدد شهداء الجيش اللبناني في الميدان مع إسرائيل منذ توسيع الأخيرة حربها اعتبارا من 23 سبتمبر الماضي إلى ستة، بسقوط ثلاثة جدد بينهم ضابط هو الرائد محمد فرحات، أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى في بلدة ياطر – بنت جبيل.
واتصل رئيس الحكومة من باريس بقائد الجيش العماد جوزف عون للاطلاع على تفاصيل العدوان الإسرائيلي على دورية الجيش. وقدم تعازيه إلى القيادة وعائلات الشهداء.
وفي تكرار لمشهد استهداف سيارات على طرق خارج مناطق المواجهات، أغارت مسيرة إسرائيلية أمس على سيارة في الكحالة (طريق الشام فوق اليزرة)، في حادث ثان يقع في تلك البقعة، وثالث بعد استهداف سيارة في ساحل علما بكسروان السبت الماضي.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن «مدفعية العدو قصفت، بشكل عنيف، سهل مرجعيون وتلة حمامص، مما تسبب باندلاع حرائق عدة في المكان وتصاعد أعمدة الدخان».
وأفادت «الوكالة» بأن غارة معادية استهدفت بلدة طيرحرفا، كما جدد الطيران الإسرائيلي أمس غاراته الجوية مستهدفا بلدة حانين في قضاء بنت جبيل، وأطراف بلدة العباسية.
كما نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة عنيفة على بلدة معركة.
أمين «التعاون الخليجي» يدعو لتكثيف الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني
كونا: أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي دعم دول المجلس للشعب اللبناني الشقيق في ظل الظروف التي يمر بها.
وذكرت الامانة العامة لمجلس التعاون في بيان صحافي أن ذلك جاء خلال لقاء البديوي مع نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني د.سعادة الشامي على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن.
وأضاف البيان أن أمين عام مجلس التعاون أعرب خلال اللقاء عن تضامن الدول الأعضاء مع لبنان في هذه الظروف، داعيا إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للبنان لتخفيف معاناة المدنيين وحمايتهم من تداعيات الحرب.
وأعرب البديوي عن تمنياته بأن يتجاوز لبنان هذه التحديات ويحقق الأمن والاستقرار.