مع بداية عرض الجزء الثاني لفيلم «Gladiator»، تبدأ رحلة في عالم الخيال حاملة معها أحلام وآمال الجمهور، وأحيانا مخاوف تتجاوز حدود الشاشة من أن يكون الجزء الثاني اقل من التوقعات نظرا لتقدم مخرجه ريدلي سكوت في العمر، لكن جاءت التجربة السينمائية غنية، وتستند إلى أدوات فنية قوية تدل على جودة العمل.
إن خبر إنجاز سكوت لـ«Gladiator 2» في غضون 51 يوما يعد إنجازا يستحق التقدير، لكنه يثير القلق أيضا حول انطباعات الفيلم الأولية، فهل يمكن أن يتحول العمل الفني الراقي إلى مجرد لوحة مرسومة بخطى متسارعة من دون التفاصيل البصرية المذهلة واللقطات القريبة التي اشتهر سكوت بها؟ هذا ما عرفنا إجابته أثناء متابعتنا لردود أفعال الناس حول الفيلم حيث أثنوا على كل تفاصيله.
ولد «Gladiator 2» من رحم الصراع، في ساحة معركة تتطاير فيها الدماء وتتلاقى السيوف، ليقدم لحنا من أنغام الموت والحياة، ويتم تجسيد هذه التجربة الملحمية من خلال بناء سيمفونية مدروسة، مستلهمة من ألحان بيتهوفن، في بداية الحكاية تنشب معركة عنيفة تشحن الجماهير في ساحة القتال، ثم يقل حماسهم من خلال هدوء النصر أو الحزن، استعدادا لجولات مقبلة، وتتوالى الأحداث بوتيرة سريعة، ما يثير تساؤلات حول إمكانية توسع العالم السينمائي.
وتتألق الأداءات التمثيلية بمستوى النجوم، حيث قدم بول ميسكال وجها معبرا عن الغضب والاستياء، وهو مدهش في تعابيره، ومن أبرز عناصر الفيلم هو التحول الدرامي في خطوط الشخصيات، حيث يظهر بيدرو باسكال في أشكال متغيرة، بينما يفاجئ دينزل واشنطن المشاهدين بدور محوري رغم عدم تغييره لملامحه المعهودة.
في زحام الأفلام المعاصرة، يعود «Gladiator 2» كشبح من الماضي، بلمسات إخراجية هوليوودية وموسيقى تصويرية تعيدنا إلى صخب المدرجات الرومانية، وينجح الفيلم في أن يكون امتدادا طبيعيا لجزئه الأول، مع إضافة لمسات عصرية من تأثيرات بصرية. وأهم ما خرجنا به من هذه التجربة هو شعورنا العميق بالحنين إلى الجزء الأول أثناء مشاهدتنا للجزء الثاني.