بيروت - عامر زين الدين
ترخي حالة من الترقب الشديد على الساحة الدرزية، بعد كلام للزعيم وليد جنبلاط صرح به داخل البيت الجنبلاطي والحزبي (التقدمي الاشتراكي)، ومن ثم أعلنه على الإعلام، واتهم فيه ما سماها مخابرات أمنية (قصد بها إسرائيلية) بين إسرائيل ولبنان، بلعب دور في الخفاء، وكشف في هذا السياق عن تلقيه تهديدا مباشرا.
ومنذ بدأ الجبل باستقبال النازحين من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، بتوجيهات من جنبلاط ومشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز، خرجت بعض الأصوات الدرزية غير الراضية على الأمر، على النحو الاستيعابي الكبير، خصوصا بعد الذي كشفه التقرير الاحصائي للجهات الوزارية المختصة من الدولة، وأظهر أن أقضية الجبل الجنوبي والشوف وعاليه والمتن، هي الأكثر استيعابا للنازحين على مساحة الوطن، فيما الشوف وحده يضم نحو 154 ألف نازح.
قبل يومين بثت احدى قنوات التواصل «سبوت شوب» تقريرا بعنوان: «هل هناك من يحضر لتفجير برميل البارود الدرزي - الشيعي؟ وما علاقة الشيخ موفق طريف وجماعة الداعي عمار بما يحدث بين دروز لبنان؟». وأضافت: «ما سيرد في التقرير خطير جدا، وقد يكون التحذير الأخير قبل الوقوع في المحظور لا سمح الله!».
الذين تابعوا التقرير وجدوا فيه تحذيرا من وجود النازحين الشيعة، يزعم امتلاكهم السلاح في مراكز الإيواء التي لجأوا إليها، وإشارة إلى السلاح الذي ينقل أيضا على طرق منطقة الجبل، خصوصا في عاليه والكحالة وراشيا.
وجاء استهداف بناء العبادية بغارة إسرائيلية، ومن قبله بعذران، وقد سقط جرائهما ضحايا من بينهم دروز، ليرفع الأصوات على نحو أكبر. وزادت مشكلة بعقلين بين النازحين والمقيمين من مناخات الرفض، علما ان البلدة شهدت توترا بين «التقدمي» وعناصر من حزب «التوحيد العربي» برئاسة الوزير السابق وئام وهاب، تحدث عنه الأخير في بيان للإعلام، وبأن عناصره عمدوا إلى إحراق خيمة للحرس الليلي، ظنوا أنها لـ «التقدمي» وضعت بين بعقلين والجاهلية، البلدة التي يقيم فيها وهاب.
وانزعاج جنبلاط تمثل في لحظة الموقف الرافض لما يعرف بجماعة «الداعي عمار» الدرزية حول الاستضافة، والذين سبق وخاضوا مواجهة في أحداث 7 مايو 2008 مع «حزب الله» في الشويفات وسقط فيها ضحايا. وربطا أيضا بالتباعد الحاصل بين جنبلاط وشيخ عقل الدروز في فلسطين الشيخ موفق طريف، علموا أن الرجل يلتزم الصمت المطبق في الأمر.
الحزب «التقدمي الاشتراكي» نبه عبر جريدة التقدمي «الأنباء الالكترونية» إلى ما سماه «المزاعم والأكاذيب الحاصلة، من أجل الترويج لفتنة مذهبية لا أساس لها من الصحة، إلا في عقول مروجيها وناشريها من دون التبصر بعواقبها».
ورأى أن «التطاول على القامات الوطنية بأنه من عمل الأقزام الذين يعيشون على هامش التاريخ والجغرافيا لهذا الوطن، الذي يعمل الرئيس وليد جنبلاط وكل المخلصين على تخليصه من أنياب التنين وأنياب الإعلام المشبوه».
كذلك اصدر المكتب الإعلامي للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، بيانا نبه فيه من «الفتنة والرسائل التحذيرية على شاكلة رسائل الحرب الإسرائيلية، في محاولة مكشوفة، لإشعال الفتنة الطائفية بين الدروز والشيعة أولا، وبين الدروز أنفسهم ثانيا».
ونفى البيان «وجود مستوطنات شيعية في الجبل ولن تكون أبدا، وهذا ما أعلنه جميع المسؤولين المعنيين في الطائفة والدولة». وتساءل: «هل وراء هذا التجييش الدائم للفتنة، تقاطع مصالح مع العدو الإسرائيلي؟! لربما ذلك».
وكان كلام لوليد جنبلاط، تمنى فيه على «دروز فلسطين ألا يتدخلوا في شؤوننا، ويهتموا في شؤونهم والعكس صحيح، وهم لهم ظروفهم منذ العام 1948 ولنا ظروفنا»، قائلا: «لا أخاف من الفتنة وصدر تهديد لي في أحد المواقع وهذا «شغل مخابرات»، ولا اعتقد أن هذا الموقع درزي».
في المقابل، كتب وهاب على حسابه في منصة «إكس»: «وليد بك بدك كمان تسمحلي دروز إسرائيل ليسوا شماعة لتستمر في الحديث عنهم كأنهم المسؤولون عن الحرب. الجميع مستسلم في هذه الأمة وأنت همك أن تهاجم مئات الدروز. أتمنى عليك إقفال هذا الملف حتى لا يشكل انقساما درزيا».
وكان صدر عن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى بيان دافع فيه عن المواقف الأخيرة لوليد جنبلاط.